صفحتي

صفحتي
مدونة ياقوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره
الأربعاء، 15 فبراير 2017

(١٥) قالوا : فقلنا

قالوا:

إن الناس عندهم الشبهات التي يضلهم بها أئمة الضلال وفقهاء السوء ليلبسوا عليهم دينهم ، فلزم عذرهم حتى نفهمهم الكلام , ونفند لهم الشبه ونبين لهم فساد كلام أئمتهم وكبرائهم

نقول :
وهذا من أفسد ما تذهب إليه العقول وتضل به الألباب , فهو فضلاً على أنه دعوى بلا برهان , وهو أمر لا يعجز عنه كل أفاك مبتدع زائغ ، فإنه مخالف لبيان الله مخالفة ظاهرة , فكم قص علينا القرآن المجيد أن ضلال المشركين وكفرهم وخسرانهم ، إنما كان بتضليل أئمتهم لهم وتلبيس الدين عليهم وبثهم الشبهات في معاني الدين وحول الحق , وتشويه صورة دعاته بشتى الأوصاف والاتهامات . بل هم الذين حكى القرآن المجيد عنهم قولهم: " يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ "
وهم الذين حكى عنهم القرآن الكريم قولهم يوم القيامة :" وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ "
وهم الذين قص علينا القرآن المجيد أسفهم وخيبتهم في النار : " وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنْ الْأَشْرَارِ. أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمْ الْأَبْصَارُ "
وفي هذه القضية كذلك قول الحق سبحانه وتعالى : " وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ " (الأنعام: 137) وفي ذلك قول الحق سبحانه وتعالى : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ " (الأنعام: 112) وفي ذلك قول الحق سبحانه وتعالى مقرراً سبب كفر جماهير المشركين : " بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ "(الأنبياء :24)
فهؤلاء قد جاءهم النذير وسمعوا الذكر ولكن تضليل أئمتهم لهم وتلبيسهم الأمر عليهم وتشويشهم على الحق وأهله فضلاً عن الفسق الذي في قلوب الناس جعلهم ضالين عن معرفة الحق الواضح ولزومه , مخلوط عليهم أمر الهدى والضلال ، بل وصل الأمر عند بعضهم إلى الاعتقاد الجازم بصحة مذهبهم ودينهم وفساد مذهب الرسول ومن تابعه , فيقولون يوم القيامة :" وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنْ الْأَشْرَارِ " (ص:62) فما علمنا نصاً في كتاب ولا سنة صحيحة ولا ضعيفة ولا قول صاحب ولا تابع يقول بأن هؤلاء الضالين ناجون من النار معذورون بتضليل أئمتهم لهم ووجود الشبهات في عقائدهم تجاه الحق وإنما ابتدع مثل ذلك البهتان المتجرءون على الشريعة والمتطفلون على الفقه والعلم في آخر الزمان ، بل وجدنا كافة النصوص الشرعية تبين بجلاء ووضوح أن الضالين والذين أضلوهم كلاهما في النار من الخاسرين ، إلا الذين تابوا ومن الله عليهم بلزومهم الهدى ودين الحق وشرح صدورهم للإسلام .
هذا وقد تواترت النصوص الشرعية القرآنية على بيان أن من الكفار من لا يفقه كتاب الله ، ولا بيان رسوله ، ويموت يوم يموت وهو شاك في قضايا الإيمان بهذا الطرح الذي طرحه الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويظن أنه على الهدى ، قال تعالى : " قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً " (الكهف : 103 - 104 ) .
هذا برهان جلي ، وبيان إلهي يدفع من اشترط إزالة الشبهة التي تتعلق بأذهان الكافرين لإقامة الحجة . فلو كان هذا صحيحاً لصح عذر من قال الله تعالى فيهم: " إِنَّهُمْ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ " (الأعراف :30) وكذلك من حكى الله تعالى عن عدم فهمهم للحق أو معرفتهم به فقال : " وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً . إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا ً"( الفرقان:41 - 42 )
سبحان الله هل هناك سوء فهم للحق ، وتلبيس فيه بمثل ذلك حتى يقول : " إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا " ، فلعمر الحق لو صح اشتراط الفهم ورفع الشبهة في مقام الحجة للمشركين لصح بيقين عذر هؤلاء الضالين , ولكنا وجدنا الحق سبحانه وتعالى يقول معقباً على كلامهم : " وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا ً " بل إن الله تعالى يقرر بوضوح يقطع ألسنة المخالف لنا في هذه القضية , يقرر سبب كفر أكثر المشركين بقوله تعالى : " بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ " (الأنبياء :24)
فهل بعد بيان الله من بيان ؟ وهل خرست ألسن الأفَّآكين ؟ وهل كشف عوار المبتدعين ؟ اللهم فاشهد … .
إن من اشترط لقيام الحجة ، فهمها كما يفهمها المؤمن وقطع جميع الشبه حولها ،كما يشترطه اليوم علماء الطواغيت وأدعياء العلم أصحاب العذر بالجهل ، فقد أتى بعظيمة في الدين ، ولزمه عذر اليهود والنصارى اليوم يقيناً ، لأن كل عاقل يعلم أن الحجة لم تقم عليهم بهذا التحديد الذي حدده ..
فجماهيرهم مقلدون تابعون ، يجهلون دلائل القرآن المجيد لإعراضهم عنه فضلاً عما يبثه فيهم أئمة الضلال من الأحبار والرهبان من شبه حول القرآن ودلائله ، فهلَّا عذر اليهود والنصارى بجهلهم على مذهبه ؟؟
ومن العجب أننا لما عارضنا بعضهم بأمر اليهود والنصارى قالوا : إننا كَفَّرنا اليهود والنصارى لأن النصوص القطعية في الكتاب والسنة دلت على كفر من دان بدينهم ، قلت : وكذلك النصوص القطعية في الكتاب والسنة دلت على كفر من شَرَّع شرعة من دون شرع الله يتصرف بها في جزء من كون الله وقضى بها بين العباد في دمائهم وأموالهم وأعراضهم ، وكذلك دلت على كفر من تحاكم إلى غير شرع الله ، وكذلك دلت على كفر من توجه بالنسك لغير ذات الله تعالى ، أو استنصر غير الله أو استرزقه من الأموات ، فلم عذرتم هؤلاء ولم تعذروا هؤلاء ؟؟
فبأي سلطان ودليل يفرق بين من أشرك من المنتسبين لدين محمد صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، وكلاهما نقض التوحيد ؟؟ أم أن الله تعالى جعل القرآن حجة بمجرده على اليهود والنصارى وليس حجة على من أشرك ممن يدعي الاسلام الا بشرح العلماء ، أم هو الهوى والتحكم بالباطل ؟؟!!
أريد أن أقول : إن الاعتراض عليهم هنا بشرك اليهود والنصارى هو في ذاته حجة ملزمة ، ولا انفكاك منها ، إلا أن يُحَكِّموا محض الهوى والتلذذ ، وإني أعلم جيداً أنه لولا بقية من الحياء عند بعضهم لحكموا بعذر اليهود والنصارى وأنهم ليسوا كفاراً مشركين إلا من بعد إقامة الحجة الرسالية الغيبية على كل رجل وامرأة بالكتاب والسنة وتفسير الأئمة المشهورين ، وبيان فساد ما عندهم من شبه ، وإبطال ما يموه به أحبارهم ورهبانهم على الحق وأهله ؟ أليس كذلك ؟ نبؤوني بعلم إن كنتم صادقين .
ــــــــــــــــــــــــ
منقول

(١٤) قالوا : فقلنا

قالوا :

"إنّ الشروط التي يقال عنها ,,شروط لا إله إلاّ الله ] ليست ثابتة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هي مما يبتدعه بعض الناس .

فنقول :-
[ ليست هذه الشروط ابتداعاً في الدين وإنما هي حقائق علمية مأخوذة من كتاب الله وإليك بيان ذلك :

[ الشرط الأول ]
قال تعالي :-
)فأعلم أنّه لا إله إ لاّ الله ( [ محمد : 19]
وقال : )إلاّ من شهد بالحق وهم يعلمون ( [ الزخرف : 86]
وقال الإمام البخاري : ( العلم قبل القول والعمل )
لأنّ الإنسان إذا كان لا يعلم المراد من كلمة [ لا إله إلاّ الله ] لا يمكن أن يكون معتقداً بها بقلبه عاملا بمقتضاها ..لأنّ الاعتقاد والعمل فرعٌ عن العلم .. فلذلك قيل أنّ قول [ لا إله إلاّ الله ] لا يكون سبباً لنجاة الإنسان إلاّ إذا كان عالماً بمعناها وبما دلّت عليه. أي أنّ العلم شرط من شروط كلمة  التوحيد ...

[ الشرط الثاني ]
قال الله تعالي :-
)إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ( [ النساء : 116]
)إنّه من يشرك بالله فقد حرّم عليه الجنّة ومأواه النّار وما للظالمين من أنصار(            [ المائدة : 72] 
قال تعالي :)ولقد أوحي إليك وإلي الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكونن من الخاسرين ( [ الزمر :65]
وفي الحديث :-
(( من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنّة ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النّار)) . مسلم
وفي الحديث الآخر:-
((فإنّ الله حرّم على النّار من قال لا إله إلاّ الله يبتغي بذلك وجه الله )) . متفق عليه
فعلم من هذا النصوص وغيرها أنّ الإنسان لا يدخل الجنّة ولا ينجو من النّار إلاّ إذا كان بريئاً من الشرك ولذلك قيل إنّ الإخلاص والبراءة من الشرك [شرط] لقول لا إله إلاّ الله …
وقيل :-
( أما النطق بها من غير معرفة لمعناها ولا يقين ولا عمل بما تقتضيه من البراءة من الشرك وإخلاص القول والعمل قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح غير نافع بالإجماع…
وقيل :-
باب لا يكفي مجرّد التلفظ بالشهادتين ، بل لابد من استيقان القلب - هذه الترجمة تنبيه علي فساد مذهب غلاة المرجئة القائلين بأنّ التلفظ بالشهادتين كاف في الإيمان .
وأحاديث هذا الباب تدلّ علي فساده ، بل هو مذهب معلوم الفساد من الشريعة لمن وقف عليها ولأنه يلزم منه تسويغ النفاق والحكم للمنافق بالإيمان الصحيح وهو باطلٌ قطعاً ..

[ الشرط الثالث ]
قال تعالي :-
)إذا جاءك المنافقون قالوا: نشهد إنّك لرسول الله والله يعلم إنّك لرسوله والله يشهد إنّ المنافقين لكاذبون ( [ المنافقون : 1]
قال تعالي :)إنّ الله جامع المنافقين والكافرين في جهنّم جميعاً( [ النساء :140]
قال تعالي :)إنّ المنافقين في الدرك الأسفل من النّار ولن تجد لهم نصيراً ( [ النساء : 145]
عن أنس رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ما من عبد يشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلاّ حرّمه الله علي النّار )) .  متفق عليه
فعلم من هذه النّصوص أنّ [ الصدق ]شرط لقول لا إله إلاّ الله وأنّ الإنسان لا يدخل الجنّة ولا ينجو من النّار بفضل [لا إله إلاّ الله]إلاّ إذا كان بريئا من النفاق .

[ الشرط الرابع ]
قال تعالي :-
)إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثمّ لم يرتابوا (        [ الحجرات: 15]
وقال تعالي: )إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون ( [ التوبة : 45]
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( أشهد أن لا إله إلاّ الله وأني رسول الله لا يلقي الله بهما عبدٌ غير شاك فيحجب عن الجنّة )) . مسلم
وعنه أيضاً أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( اذهب فمن لقيته وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلاّ الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنّة )) . مسلم .
فعلم من هذا  النّصوص أنّ [ اليقين ] شرط لقول لا إله إلاّ الله وأنّ قولها لا ينفع إلاّ من قالها [بيقين] من غير شكّ ...

[ الشرط الخامس ]
قال تعالي :-
)ذلك بأنّهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ( [ محمد : 9]
قال تعالي: )ولكنّ الله حبّب إليكم الإيمان وزيّنه في قلوبكم وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون ( [ الحجرات: 7]
فعلم من الآيتين أنّ الكاره للتوحيد المحبّ للشرك لا ينفعه قوله بلسانه [ لا إله إلاّ الله ] حتى يحبّ التوحيد ويبغض الشرك . فالمحبّة إذاً شرطٌ لقول لا إله إلاّ الله ولا يدخل أحدٌ الجنّة حتى يحبّ ما دلّت عليه كلمة التوحيد من الإخلاص ونفي الشرك ..

[ الشرط السادس ]
قال تعالي :-
)بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا ساحر كذاب. أجعل الآلهة إلهاً واحداً إنّ هذا لشيء عجاب(             [ ص :4-5]
قال تعالي:)قالوا: أ جئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا ا ( [ الأعراف: 70]
قال تعالي:)وإذا تتلي عليهم آياتنا بيّنات قالوا ما هذا إلاّ رجلٌ يريد أن يصدّكم عما كان يعبد آباؤكم، وقالوا : ما هذا إلاّ إفك مفترى . وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلاّ سحرٌ مبين (    [ سبأ :43]
ففي هذه الآيات وغيرها في القرآن الكريم وصف الله الكفار بإنكار الدعوة إلي التوحيد ... واستغرابهم لمخالفة الآباء والأجداد الذين مضوا علي الشرك . وهذا يدلّ على أنّ من فعل فعلهم وأنكر التوحيد وجادل عن الشرك لا يكون إلاّ مشركاً  مثلهم وإن قال بلسانه [ لا إله إلاّ الله ] فإنّ قولها لا ينفع إلاّ من قالها راضياً بما دلّت عليه .. أمّا من قالها وهو لا يقبل مدلولها ولا يعمل بمقتضياتها فليس هو من أهلها فالقبول وعدم الإنكار شرط لقول لا إله إلاّ الله .

[ الشرط السابع ]
قال تعالي :-
)والذين كفروا عما أنذروا معرضون (             [ الأحقاف :3]
قال تعالي : )إلاّ إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ( [ البقرة: 34]
فإنّ من ردّ أمراً واحداً من أوامر الله الفرعية واستكبر عن الانقياد يكون بذلك كافراً شبيهاً بإبليس اللّعين . فكيف بمن يردّ أعظم ما أمره الله في جميع كتبه وذلك هو التوحيد ...
فمن ذلك تعرف أنّ قول [ لا إله إلاّ الله ] لا ينفع إلاّ من قالها وهو منقاد لما دلّت عليه من إخلاص العبادة لله ونبذ الشركاء والطواغيت المعبودة من دون الله .
فالانقياد وعدم الترك شرط لقول لا إله إلاّ الله ...
منقول

(١٣) قالوا : فقلنا

قالوا :

" مما يدلّ علي أنّ الإسلام هو التلفظ بالشهادتين دخول العجم - الذين لا يعرفون اللّغة العربية ولا يعرفون النفي والإثبات الذي تتضمنه كلمة التوحيد - الإسلام بالتلفظ المجرّد "

فنقول :
هذا أيضاً جهلٌ عظيمٌ وسوء تقدير للأمور وغفلة عن حقائق دينية وتاريخية .
( أولاً) لقد بينّا فيما سبق أنّ النبي صلى الله عليه وسلم -كغيره من الأنبياء– لم يكن يطلب من قومه أن يأتوا بالتلفظ بكلمة التوحيد وحدها.. وإنما كان يطلب منهم إخلاص العبادة لله ونبذ طاعة الطواغيت مع النطق بكلمة التوحيد .
وقلنا أنّ كلّ من شهد الشهادتين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كان مظهراً لعبادة الله وحده تاركا لعبادة غيره من الآلهة والطواغيت ولا نجد في سنّة النبي صلى الله عليه وسلم القولية والعملية أنّه أقرّ لأحد يصرّ علي شرك وكفر بالإسلام لأجل التلفظ بكلمة التوحيد ...
ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم مبعوثا إلي العرب خاصة وإنما كان رحمة للعالمين أرسله الله إلي الناس كافة بشيراً ونذيراً ...
قال تعالي) وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين ( [ الأنبياء : 107]
وقال تعالي ) وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون  ( [ سبأ : 28]
ومن اعتقد أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يطلب من العجم غير التلفظ بكلمة التوحيد وأنّهم كانوا يصيرون من أهل الإسلام وهم مقيمون علي الشرك والكفر ... من اعتقد ذلك فقد اتّهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورماه بالعظائم، اتّهمه بمخالفة القرآن الذي أوجب عليه أن يدعو الناس كافة إلي عبادة الله واجتناب الطواغيت واتّهمه كذلك بالغشّ والمحاباة في أمر الدعوة وهداية البشرية الضالة ..
( ثانياً) لقد أسلم من العجم كثيرون في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم نر من يفرّق بين إسلامهم وإسلام إخوانهم من العرب …
وكذلك دعا النبي صلى الله عليه وسلم ملوك العجم إلي الإسلام وكتب إليهم كتباً تحمل هذه العبارة [ أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرّتين ] وكان من الملوك من أسلم كالنجاشي .. ومنهم من عرف حقيقة الإسلام ولكنّه ضنّ بملكه وأصرّ علي الضلال . كهرقل ومقوقس ومنهم من جهل واستكبر ومزّق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ككسرى ملك الفرس ..
وقد كانت دعاة الإسلام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء يبلّغون رسالة الإسلام ويخاطبون الملوك والأمراء والرعايا العجم ما يريد منهم الإسلام ولم يكن الإختلاف في اللّغات عائقا يمنع انتشار الإسلام.وكان كثيرا ما يوجد عربياً يعرف لغة العجم أو عجمياً يعرف لغة العرب .
وكان اتخاذ الترجمان معروفا من قديم الزمان إذا أراد اثنان أن يتحدثا وكان كلّ منهما لا يعرف لغة الآخر…
ولما تغلب المسلمون علي إمبراطورية فارس وسقطت عاصمة مملكتهم [ المدائن ] في أيدي المسلمين في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولّي عمر سلمان الفارسي إمرة [ المدائن ] وكان سلمان رضي الله عنه صحابياً من علماء الصحابة وكان كذلك فارسياً يعرف لغة الفرس ويقدر علي تبليغ الفرس مبادئ الرسالة الإلهية .
وقد نبغ من العجم كثيرون وأصبحوا علماء وأئمة يقتدي بهم المسلمون العرب وغير العرب
وكان العلماء الذين هم من أصل أعجميّ لا يحصون كثرة فيما بعد عصر التابعين وكان منهم الإمام  "البخاري" و "مسلم" صاحبا الصحيحين ...
فمما تقدم تعلم أنّ العجم دخلوا في الإسلام كما دخلت فيه العرب وشهدوا أن [ لا إله إلاّ الله ] وهم يعلمون النفي والإثبات الذي تتضمنه الكلمة لأنّ الذين بلّغوهم الإسلام كانوا أعلم منا بضرورة البيان وبقوله تعالي:-
)وما أرسلنا من رسول إلاّ بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء ( [ إبراهيم:4]    ...منقول

(١٢) قالوا : فقلنا

قالوا :

" ما وجدنا في سنّة النبيّ  القولية والعملية أنّه ردّ أحداً يشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله ... قائلا لا نسمع قولك ولا نعدّك مسلماً بالنطق المجرّد "

فنقول :
هذه حقيقة معلومة .. أنا لا نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يردّ أحداً شهد الشهادتين ...
ولكن هناك حقيقة أخرى تساويها لا يجوز أن تغضوا النظر عنها وهي :
[ أننا لا نجد في سنّة النبي صلى الله عليه وسلم  القولية والعملية أنّه قبل إسلام أحدٍ يفعل أو يصر علي الشرك والكفر والاستكبار..  لأجل تلفظه بالشهادتين ...
بل صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه أمر بقتل الخوارج الخارجين عن بعض الشريعة وحرّض الصحابة علي قتلهم وبيّن ما يترتب علي ذلك  القتل من الأجر العظيم .. ومن المعلوم أنّهم كانوا من الذين شهدوا الشهادتين  وكانوا من القراء الذين تلقّوا القرآن من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا من أكثر الناس تهليلاً وتكبيراً وتسبيحاً ...
فإن كان ذلك كذلك فهل يجوز أن يظنّ برسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه لم يكن يري بأساً بشرك المشركين وباستكبار المستكبرين بعد نطقهم بالشهادتين وكذلك صحّ عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم أنّهم قاتلوا أقواماً يشهدون الشهادتين
وإذا فكلّ من حُكم بإسلامه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وصار بهذه الشهادة مسلما كان ظاهره يدلّ علي إسلامه ولم يكن منهم أحدٌ يفعل كفراً ٍ أو يستحل معصية...منقول

(١١) قالوا : فقلنا

قالوا :
" من قال لا إله إلاّ الله فهو مسلم كما قال الإمام الزهري : الإسلام هو الكلمة ..
فنقول :

" إن الإنسان قد يقول لا إله إلاّ الله محمد رسول الله وهو تائب متبرئ من الشرك يريد أن يخلص عبوديته لله . وقد يقول ذلك وهو مخالف لشريعة الله مصرٌّ علي الكفر .. كما هو معروف في التاريخ وكما هو واقع مشهود في يومنا هذا .. فإذا كنتم تعتقدون وجوب التفريق بين هذين القائلين والحكم علي الأول منهما بالإسلام ولآخر بالكفر . إذا كنتم تعتقدون ذلك فعقيدتكم سليمة صحيحة .. أما إذا كنتم تعتقدون أنّ النّطق المجرّد بالشهادتين هو الإسلام وإن كان الناطق مصرّاً علي الكفر .. وأنّ لا فرق بين هذين القائلين … فلا شكّ في أنّكم ضللتم عن عقيدة السّلف الصالح ضلالاً بعيداً وبلغتم من الإرجاء مبلغاً لم تبلغه المرجئة القديمة علي تنوعهم وتفرّقهم وهذا جهل بدين الله عز وجل..
وفي كتاب الله وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم وسيرة السّلف الصالح من الحقائق ما ينقض هذه الفكرة الضالّة نقضاً ويأتي بنيانها من القواعد ….

[ الأولي ]: قوله تعالي "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلاّ نوحي إليه أنّه لا إله إلاّ أنا فاعبدون( [ الأنبياء : 25] .
مع قوله :"ولقد بعثنا في كلّ أمة رسولا أن اعبد الله واجتنبوا الطاغوت ( [ النحل : 36] .

فظهر من الآيتين أنّ رسل الله لم يكونوا يطلبون من الناس النطق والتلفظ المجرّد … بل كانوا يطلبون منهم إخلاص العبادة لله وترك الآلهة المعبودة واجتناب الطواغيت البشرية والحجرية والخشبية وكان المستجيب الذي يشهد أنّ [ لا إله إلاّ الله ] وهو تارك لعبادة الآلهة الباطلة ، مجتنب لطاعة الطواغيت ..

[ الثانية]: ورد في القرآن الكريم آيات كثيرة تدلّ علي أنّ المشركين الذين أرسل إليهم الرسل .. لم يكونوا يرون أنّ المراد منهم هو النطق بكلمة تتكون من عدة أحرف بل عرفوا أنّ المراد منهم أن يتركوا الآلهة المعبودة والطواغيت المطاعة وأن يعبدوا الله مخلصين له الدين كالآيات الآتية :-

_قالوا : يا هود ما جئتنا ببيّنة وما نحن بتاركي آلهتنا عن   قولك     [  هود : 53].

_أ جئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا     [ الأعراف : 70]

_أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا          [ هود : 62]

_أ صلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء         [ هود : 87]

_أ ئنـا لتاركوا  آلهتنا لشاعر مجنون       [ الصافات : 36]

_أ جعل الآلـهـة إلهـاً واحـداً  [ ص : 5]

فهل عندكم من الحجج ما يردّ هذه الآيات وأمثالها في القرآن ، وما يدلّ علي أنّ المشركين لم يكونوا يرون المطلوب منهم غير التلفظ بهذه الأحرف المعدودة التي تتكون منها كلمة لا إله إلاّ الله ؟؟..

[ الثالثة]: لقد كان اليهود يقولون [ لا إله إلاّ الله موسى رسول الله ] وكانوا يزعمون أنهم شعب الله المختار وأولياؤه المتقون وأنّ النّار لا تمسهم إلاّ أياما معدودة .. ومع كلّ ذلك إنّ الله بيّن كفرهم وشركهم وخروجهم عن شريعة الله وبيّن أنّهم أصحاب الجحيم ..
فعرفنا من ذلك أن الإنسان إذا شهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله ، ثم أتي بالشرك والكفر كالذي صارت به اليهود كفاراً مشركين فإنّه يكون كافراً مشركاً مثلهم ، ولا ينفعه زعمه وادّعاؤه للإسلام ودخول الجنّة …
فهل عندكم من الأدلة ما يقرّر أنّ من ينتسب لهذه الأمّة ينفعه الزعم والادّعاء مع الشرك والكفر . وهل من خصائصه صلى الله عليه وسلم  -دون الرّسل- أنّ من انتسب إليه وادّعي ملّته لا يضرّه الشرك والكفر والنبذ لكتاب الله وراء الظهور ؟؟.

[ الرابعة]: أنّ الله تعالي شرط شروطا لدخول الإسلام وجعل أولها : التوبة من الشرك ، ثم الصلاة ، ثم الزكاة .
فقال تعالي :
_فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلّو سبيلهم   [ التوبة : 5]

وقال تعالي :  فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين      [ التوبة : 11]

قال أنس رضي الله عنه (( توبتهم خلع الأوثان وعبادة ربّهم وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة )) [ ابن جرير]

وقال قتادة : (( إن تركوا اللاّت وشهدوا أنّ لا إله إلاّ الله وأنّ محمد رسول الله فإخوانكم في الدين))   [ابن جرير]
قال الطبرى: [ فإن تابوا] يقول : فإن رجعوا عما نهاهم عليه من الشرك بالله وجحود نبوة نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأنداد والإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم. [جامع البيان ]
وقيل: [ فإن تابوا ] أي عن الشرك والتزموا أحكام الإسلام . [ انتهى نقلا ]
وقيل: [ فإن تبتم ] أي عما أنتم فيه من الشرك والضلال . [ انتهى نقلا] .

وهكذا يقول كلّ من تصدى لتفسير التوبة المطلوبة من أهل الشرك .. فلا يوجد من يقول : إنّ التوبة المطلوبة هي أن يتلفظ بكلمة [ لا إله إلاّ الله ] وليست أن يتوب من الشرك .

أما حديث أبى هريرة رضي الله عنه الصحيح المرفوع (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله . فتفسّره الأحاديث الصحيحة المرفوعة الأخرى مثل : بني الإسلام علي خمس ، علي أن يُعبد الله ويُكفر بما دونه . الحديث )) . متفق عليه
= من قال لا إله إلاّ الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه علي الله " . مسلم .
وهكذا دلّ الكتاب والسنّة علي أنّ المصرّ علي الشرك والكفر ، الذي يظهر شركه وكفره لا يكون مسلماً معصوم الدم والمال حتى يتوب من الشرك والكفر .

[ الخامسة] : من الأحكام المقرّرة في شريعة الإسلام قتل المرتد . كما أخذ ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم (( من بدّل دينه فاقتلوه )) . البخاري .

وقد عدّ أقوام كثيرون أنّهم من المبدّلين لدينهم الإسلامي وقتلوا لكفرهم مع كونهم ينطقون بالشهادتين ومقرّين ببعض الشريعة ..
فالذين اعتقدوا نبوّة مسيلمة الكذاب وهم ينطقون بالشهادتين كانوا كفاراً ولم يكونوا مسلمين .. ولو كان الإسلام النطق بكلمة الشهادة . مع صرف النظر عن عقيدة الناطق وسلوكه لكان بنوا حنيفة مسلمين ومثلهم مانعي الزكاة والتتار والقرامطة وغيرهم من الفرق الكافرة المنتسبة إلى الإسلام فكما أنّ الإنسان لا يدخل في الإسلام بالنطق المجرّد بالشهادتين إذا كان مصرّاً علي الكفر ... فكذلك المسلم لا يبقي مسلما بالنطق المجرّد إذا رجع إلي الكفر ...

وهناك حقائق كثيرة غير هذه الخمس تدلّ علي أنّ الإسلام ليس هو النطق المجرّد .. ولكن هذا القدر يكفي ..
أما قول الإمام الزهري [ الإسلام هو الكلمة] فليس حكماً زائداً علي أحكام كتاب الله وإنما هو بيان لحكم من أحكام الشريعة الإسلامية ، وهذا الحكم هو: " إنّ الإنسان الكافر إذا ادّعي الإسلام والتوبة من الكفر .. ولم يأت من الكفر ما يناقض قوله وادّعاءه .. فعلي المسلمين أن يعدّوه مسلماً له حقوق المسلمين ..ولو كان كافراً في الباطن .. كما كان المنافقون مسلمين في الظاهر لأجل تكلمهم بالإسلام و إظهارهم لشعائره كما قال تعالي : " فإن انتهوا فإنّ الله بما يعملون بصير [الأنعام : 39] .
كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( نحن نحكم بالظواهر والله يتولّى السرائر ) .
------------
منقول

عربي باي