صفحتي

صفحتي
مدونة ياقوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره
الأحد، 4 ديسمبر 2016

(٢) كم الها تعبد ؟!

إذا عرفت أن لهذا الكون ربا واحدا هو خالقه ومالكه ومدبر أمره ، لا يخلق أحد معه شيئا ولا يملك أحد معه مثقال ذرة ، ولا معين له ولا شفيع إلا من بعد إذنه، فاعلم أنه لابد أن يكون الحكم والأمر في هذا الكون كله لهذا الرب الخالق المالك الواحد لا شريك له ، وتكون الطاعة والعبادة والخضوع له وحده ، ولا يصح في العقول السليمة والفطر المستقيمة غير هذا.

{وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ * أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ * لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ * لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ * أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ } [الأنبياء : 19 - 24]

يصرِّف الله خلقه كما يشاء ويحكم فيهم بما يريد فالكل خلقه وعبيده وجميعهم في ملكه وسلطانه والحكم حكمه والقضاء قضاؤه لا شيء فوقه يسأله عما يفعل ، وجميع من في السماوات والأرض من عباده مسئولون عن أفعالهم ومحاسبون على أعمالهم وهو الذي يسألهم عن ذلك ويحاسبهم عليه لأنه فوقهم ومالكهم وهم في سلطانه ، ولو كان الأمر لغير الخالق المالك لما استقام الوجود ولفسدت السموات والأرض وانحل كل شيء ، ومادمنا نرى هذا التناسق العجيب والنظام الدقيق في الكون لا يخرج شيء عما قُدِّر له ؛ فرب الكون إذا واحد لا شريك له ، له الملك وله السيادة والحكم والسلطان ، هو إله العالمين سبحانه وتعالى عما يشركون.

{قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ * بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون : 84 - 91]

فمن آمن بأن الخلق والملك كله لله لا بد أن يؤمن بأن الحكم والأمر كله لله ، لا شريك لله في حكمه كما أنه لا شريك له في ملكه وخلقه ، فالحكم لا يستقل عن الملك والقهر والسيادة ، فمن كان له الملك والقهر والسيادة لابد أن يكون له الحكم فيمن ملكهم وقهرهم وسادهم ، فالله عز وجل الذي خلق كل شيء وخضع لسلطانه وذل لجبروته كل شيء هو الذي يحكم بما يشاء لا معقب لحكمه ولا مبدل لكلماته ولا رادَّ لقضائه.

قال تعالى: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (الأعراف:54)

ما من شيء في السموات والأرض إلا الله خالقه ومالكه وربه وسيده ، له خلق كل شيء وملك كل شيء وله الأمر في كل شيء لا شريك له.

فمن غير الله خالق كل شيء ومليكه يستحق أن يكون له نصيب من الحكم والأمر؟

من غير الله خالق كل شيء ومليكه وسيده وربه يستحق أن يطاع أمره ويُستسلَمَ لقانونه ويُحتكمَ لحكمه من دون الله؟

إذا كان كل ما سوى الله عبد لله وحده لا يخلق ولا يملك ولا يضر ولا ينفع مع ربه شيئا، فكيف له أن يحكم ويأمر من دون الله؟.

كيف يصح أن تكون العبادة والطاعة والخضوع شركة بين الخالق الرازق المالك السيد الحاكم وبين من لا يخلق ولا يملك ولا يرزق ولا يأمر بل هو مخلوق مملوك فقير محتاج مأمور؟

كيف لا يكون الحكم والأمر في العباد لله وحده وقد خلقهم ورزقهم وملكهم وهو القائم بأمورهم وحده؟

كيف لا تكون الطاعة والعبادة خالصة لله مادام الحكم والأمر له وحده لاحكم إلا حكمه ولا أمر إلا أمره ولا شرع إلا شرعه ولا دين إلا دينه؟

سبحان الله وتعالى عما يشركون.

(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (هود:123)

(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ * وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [القصص : 68 - 70]

(إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ)(الأنعام: من الآية57)

لله عز وجل وحده الحكم بين عباده جميعا يحكم فيهم بما يشاء لا مانع لمشيئته ولا راد لحكمه وقضائه ، وإليه يرجع الأمر كله في الدنيا والآخرة ، وليس لمخلوق أن يختار مع الله بل ما عليه إلا التسليم والانقياد دون معارضة ولا ممانعة ، فالخلق كلهم عبيد لله عز وجل خاضعون لربوبيته وحكمه وسلطانه لا يخرج أحد منهم عن حد العبودية لله ، فينبغي أن يكون حالهم مع الله كحال العبد مع سيده ، السيد يأمر وينهى ويحكم بما يريد والعبد يسمع ويطيع لا يعارض ولا يستكبر.

قال تعالى: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) (الاسراء:44)

(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (النحل:49)

(لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً) (النساء:172)

لا يرفض أن يكون عبدا مخلصا لله خالقه ورازقه وربه وسيده إلا كل جاهل سفيه ، أما العاقل الرشيد فلا يأنف أن يكون عبدا لمن خلقه وصوره ورزقه ، وبيده نفعه وضره وحياته وموته ، وإليه مرده وحده ، فأيُّ شرف أعظم من أن يكون الإنسان عبدا مطيعا خالصا لله وحده خالقه ورازقه ومالك أمره كله ، وأي عز أعظم من أن نكون في جانب الله ونرفض أن ننحي لغير ربنا وسيدنا ، وأي حرية أعظم من التحرر من عبودية البشر والحجر والجن والشياطين والأهواء.

ولهذا كان أعرف الخلق بالله أكثرهم تحقيقا لمقام العبودية له وحده.

(قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(الأعراف : 188)

(قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) (الأنعام:50)

(قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (الأحقاف:9)

(فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) (فصلت:38)

الله غني عنا وعن عبادتنا ، ونحن الفقراء المحتاجون لربنا ولا غنى لنا عنه طرفة عين ، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} [فاطر : 15 - 17]

ومن لم يجعل عبوديته خالصة لله فلا بد أن يقع في عبودية مخلوق مثله لاينفعه إن عبده ولا يضره إن لم يعبده ولا يغني عنه شيئا ، ولا بد من يوم يرجع فيه الخلق إلى الله ، كل واحد منهم يأتي ربه يوم القيامة وحيدا مقراً لله بالعبودية خاضعا ذليلا ليس معه شي ، لا مال ولا ولد ولا جند ولا أعوان. (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً) (مريم:93 - 95)

فإذا كان الأمر في الدنيا والآخرة لله وحده والحكم له وحده من غير شريك ؛ فلماذا لا يجعل الإنسان عبوديته خالصة لله وحده؟!

لماذا يجعل له شريكا من خلقه؟!

كيف تسوِّل له نفسه أن يدين بالخضوع والانقياد لغير الله الذي له الخلق والملك والأمر؟!.

كيف ينحني ويخضع لعبد مثله؟ يضع له قوانين وضعية تحرم الحلال وتحلل الحرام وهو مع ذلك خاضع منقاد ذليل

كيف يتخذ من دون الله شركاء يشرعون له منهج حياته ويحكمونه بما شاءوا؟

(أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (الشورى:21)
(كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (البقرة:28)
(أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (آل عمران:83)

والإسلام لا يكون إلا لمن له الخلق والملك والأمر ، ولا يصح إسلام أحد إلا إذا وحّد الله في الحكم والتشريع كما يوحده في الخلق والملك ، فلا يتلقى التشريع إلا منه ولا يتوجه به إلا إليه.

(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (الزمر:29)

(لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً)(الكهف: من الآية26)

(اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) (الأعراف:3)

إذا عرفت هذا عرفت أن الذين يحتكمون لغير الله ، ويقبلون تشريعات أمثالهم من البشر وينقادون لها ، ويجعلون الحكم لغير الله ، هم في الحقيقة أذل الخلق وأجهلهم وأسفههم وأظلمهم وأشقاهم.

أذل الخلق لأنهم لم يرضوا بأن يكونوا عبيدا لله وحده كسائر المخلوقات بل اختاروا أن يكونوا عبيدا لعبد ضعيف مثلهم لا يملك لنفسه شيئا فكيف يملك غيره.

وأجهل الخلق لأنهم لم يعرفوا الفرق بين العبد وسيده ، ولم يعلموا أن الأمر والحكم لا يكون إلا لمن له الخلق والملك ، وسائر المخلوقات غيرهم يعرفون ربهم وخالقهم ومليكهم ويستسلمون له وحده.

وأسفه الخلق لأنهم رغبوا عن الاستسلام لله وحده الذي أسلم له كل شيء.

وأظلم الخلق لأنهم أعطوا حق الله الخالص له وحده لعبد من عبيده ومخلوق من مخلوقاته وساووه بالله.

وأشقى الخلق لأنهم تركوا الاستسلام لرب العالمين الذي بيده الخير كله والنفع والضر كله ، واستسلموا لمن لا يفيدهم الاستسلام له شيئا ولا يملك لهم نفعا ولا ضرا ، بل هو سبب حرمانهم السعادة والنعيم والخير في الدنيا والآخرة.

فمن أذل وأجهل وأسفه وأظلم وأشقى ممن ترك حكم أحكم الحاكمين وأخذ حكم أجهل الجاهلين.

(أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50)

(أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (آل عمران:83)

(وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ) (النحل:52)

(قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ) (الزمر:64)

(أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الملك:22)

(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (الزمر:29)

فانظر لنفسك من أي الفريقين أنت؟!
منقول

(١) كم إلها تعبد؟!!

هذا السؤال هو أخطر قضية يجب أن يشغل تفكير هذا الإنسان الذي أقر بأن له خالقا واحدا وربا واحدا ومالكا واحدا ، هذا الإنسان الذي صعد أول درجات سلم المعرفة وأيقن أن له ربا واحدا خالقا مالكا هو الله جل جلاله ، يجب عليه أن يفكر لماذا خلقني الله؟ وما حقه علي؟ وقد خلقني ورزقني ورباني وسخر لي ما في السموات والأرض وأنزل لي من السماء ماء عذبا زلالا أنبت به من الأرض حدائق ذات بهجة أطعمني منها رزقا طيبا ثمرات مختلفا ألوانها ، وخلق لي أنعاما مختلفا أشكالها ، أطعمها من نبات الأرض ورزقني لحمها ولبنها وصوفها وذلل لي ظهرها.
ألا يستحق من تفرد بخلقي وملكي ورزقي ونفعي وضري وحياتي وموتي أن يكون وحده إلهي الذي له خالص عبادتي ؟!

ألا يستحق من أسبغ علي نعمه وأغدق علي فضله أن أكون له عبدا مخلصا شكورا ؟!

ألا يستحق من إليه وحده سيكون مصيري بعد موتي أن أطيعه فيما يأمرني وأكون له كما يريد مني؟!

{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *} [النمل : 59 - 64]

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (القصص:71 :72)

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ) (الأنعام:46)

(قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ)(الأنعام: من الآية164)

(وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ * إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ) (يّـس:22 - 25)

{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ } [الشعراء : 78 - 82]

(رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً)(الكهف: من الآية14)

كم الها تعبد ؟!
هل تعرضت لهذا السؤال من قبل في هذه الحياة؟!! هل سألت نفسك مرة هذا السؤال؟!!

ربما لم يخطر حتى ببالك؟!!

ولعلك تقول: ولماذا يوجه إلي هذا السؤال وأنا دائما أقول لا إله إلا الله ولا أعبد إلا الله ؟!!

نعم لا أحد يوجه إلينا هذا السؤال في الدنيا ، ولو حدث وسألنا أحد هذا السؤال لكان الجواب فورا : نعبد إلها واحدا.
فهل نحن صادقون في هذا الجواب ؟ أم أنه مجرد أماني كاذبة ؟

أقوالنا وأعمالنا شاهدة علينا وهي أصدق دليل على ذلك ، وكثير ما هم الذين تكذب أعمالهم أقوالهم.

قال الله تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا * وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء : 123 - 125]

إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني، ولكنه ما وقَر في القلوب وصدقته الأعمال.

كانت قريش ومن حولها من العرب والنصارى واليهود كل منهم يقول نحن على حق ، نحن على ملة إبراهيم ، نحن نعبد الله ولم نكفر بالله ولا بملة إبراهيم، وإذا نظرنا إلى حقيقة ما هم عليه وجدناهم كفارا لا يوحدون الله ولا يتبعون رسله ، وقد فارقوا جميعا ملة إبراهيم.

فهل صدقهم الله عز وجل في قولهم أنهم على حق وعلى ملة إبراهيم؟

كلا ، بل اعتبر قولهم هذا مجرد زعم كاذب وأماني باطلة لا تغني عنهم شيئا ولا تنفعهم عند الله أبدا.

قال تعالى: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (آل عمران:67)

(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ )(المائدة: من الآية68)

(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (الكافرون : 1 – 6)

فهل يصح أن نقول مادامت قريش والنصارى واليهود يعتقدون أنهم على حق وعلى ملة إبراهيم فهم على ملة إبراهيم حتى وإن كانوا يكفرون ويشركون بالله؟!!

لا شك أن هذا لايصح أبدا ؛ لأن ملة إبراهيم هي التوحيد والتوحيد ضد الشرك ولا يجتمع معه أبدا ، فالذي يشرك بالله لا يوحده ، ويستحيل عقلا وشرعا أن يسمى موحدا مع شركه بالله.

فالأمور إذا بحقائقها لا بمظاهرها المخالفة للحقيقة ، ولا عبرة بقول يشهد الفعل ببطلانه.

فانظر يا عبد الله في قولك وعملك وباطنك وظاهرك هل صدقا لا تعبد إلا إلها واحدا؟!!

إن هذا السؤال قد لا تُلقي له أهمية اليوم ، ولكن هل علمت أن لك يوما سوف تسأل فيه هذا السؤال ؟!

أتدري متى هذا اليوم؟!!

إنه اليوم الذي تفارق فيه الدنيا ، يوم يُدخلك أحبابك في حفرة من الأرض ، ويهيلوا عليك التراب ويتخلى عنك الأصحاب.

وهل تدري من سيسألك؟!!

إنهما ملكان أسودان أزرقان ، يحفران الأرض بأنيابهما ويطآن شعورهما ، صوتهما كالرعد القاصف ، وأبصارهما كالبرق الخاطف ، معهما مرزبة من حديد لو ضرب بها على جبل صار ترابا.

سوف يسألانك عما كنت تعبده في حياتك الدنيا وعما تدين به ، فتخيل هذه اللحظة وكيف سيكون جوابك.

فمن كان في الدنيا صادقا مع الله فسوف ينفعه صدقه ويثبته ربه ، ويقول كنت أعبد الله وحده لا أشرك به شيئا.

وأما أكثر الناس فلن يهتدوا للجواب ولن يوفقوا للصواب لأنهم لم يكونوا في الدنيا صادقين مع الله وكانت أعمالهم وبواطنهم تخالف أقوالهم ، وسيقولون هاه هاه لا ندري.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المؤمن إذا وضع في قبره أتاه ملك فيقول له ما كنت تعبد؟ فإنْ الله هداه ، قال كنت أعبد الله فيقول له ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول هو عبد الله ورسوله فما يسأل عن شيء بعدها فينطلق به إلى بيت كان له في النار فيقال له هذا كان لك ولكن الله عصمك فأبدلك به بيتا في الجنة فيراه فيقول دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي فيقال له اسكن . قال وإن الكافر أو المنافق إذا وضع في قبره أتاه ملك فينتهره فيقول له ما كنت تعبد؟ فيقول لا أدري فيقال لا دريت ولا تليت فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول كنت أقول ما يقول الناس فيضربه بمطراق بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها الخلق غير الثقلين . رواه أبو داود والنسائي وأحمد والمنذري في الترغيب والترهيب

وسوف يُكرر عليك السؤال مرة أخرى ، يسألك الجبار جل جلاله يوم يقوم الناس لرب العالمين. قال تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الحجر:92 :93)

قال البخاري: قال عِدَّةٌ من أَهْلِ الْعِلْمِ في قَوْلِهِ تَعَالَى (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) عن قَوْلِ لَا إِلَهَ إلا الله.

قال أبو العالية: يُسأل العباد كلهم عن خلتين يوم القيامة عما كانوا يعبدون وعما أجابوا المرسلين.

فالسؤال إذا له أهميته وعليه مدار حياتك وهو الذي يحدد مصيرك ، فكن صادقا في جوابه الآن لتكون في الآخرة مع الصادقين ، وانظر كم إلها تعبد؟

نتوجه بهذه الكلمات إلى كل عاقل يطلب معرفة حقائق الأمور ببرهان ساطع وحجة دامغة، ويأنف أن يُسلم قياده لغيره ممن هم مثله يحددون له قناعاته واعتقاداته وتصوراته .. عاقل يريد أن يحدد طريقه ويعرف مصيره .. فقد طمست في هذه الأيام حقائق كثيرةوبقيت أسماؤها، فالأسماء موجودة والحقائق مفقودة ، وعما قليل ينكشف الغطاء، وتظهر الحقائق، وتبلى السرائر ، ويقول أكثر الأنس والجن : (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) يقول الله عز وجل: (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ). ويقولون: (رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ).

فمن الآن :

عليك أن تعرف من الذي يستحق أن يكون إلهك ومعبودك؟ وكيف تكون عابدا له وحده دون سواه؟

عليك أن تعرف التوحيد وما يضاده؟ والشرك وأنواعه؟

عليك أن تعرف كيف تكون مسلما يشهد أنه لا إله إلا الذي فطره وسوَّاه؟

عليك أن تعرف كيف تكون صادقا في قولك لا أعبد إلا الله؟
-
يتبع إن شاء الله...........منقول

عربي باي