التوحيد هو أهم قضية يجب أن تشغل كل إنسان ويصرف لها عمره فمن أجلها خُلِق وعليها سيُحاسب ويُسأل وبها يتحدد مصيره إما إلى جنة أو نار،و أكثر الناس اليوم فى غفلة عن تعلم التوحيد ومعرفة قضاياه وأركانه يظنون أنهم حققوا التوحيد بمجرد قولهم لا إله إلا الله وهم بمعناها جاهلون وللشرك فاعلون وبضدها يدينون ،
وقد قال تعالى :
( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ )محمد 19
فعلم التوحيد هو من أعظم العلوم وأشرفها على الإطلاق لأنه يُعرِف العبد بربه وخالقه ويدله على توحيده وهو فرض عين على كل مكلف
قال تعالي :
( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )آل عمران85
وقال جل وعلا:( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ د ونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) الزمر
السؤال الآن :
ماهو الإسلام الذى يرضاه الله لنا وقد امرنا به عز وجلّ ؟؟
الإسلام :
هو الخضوع لله والاستسلام له وحده وعبادته وحده لا شريك له ،
قال تعالى:
(فَإِلَـَهُكُمْ إِلَـَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشّرِ الْمُخْبِتِينَ) (الحج: 34) ، وقال تعالى : (قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (الأنبياء: 108) ،
ولا تكون العبادة لله وحده إلا بالإيمان بكل ما جاء في كتابه العزيز وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الصحيحة ، والعمل بهما ابتغاء مرضاة الله وحده ، واجتناب ما ينقض ذلك و يخرج صاحبه من الملة .
يقول الله تعالى :-
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ) (آل عمران: 31-32)
ولا يدخل المرءُ في الإسلام إلا بالكيفية التي حدَّدها ورسمها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبدأ بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم :
(أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإن قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ) رواه البخارى ومسلم
ويقول أيضاً : ( من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حرم الله عليه النار )رواه مسلم
إن كلمة لا إله إلا الله هي الكلمة التي يتوقف عليها سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة ، وهي الكلمة التي تشكل أساس دعوة الرسل بما فيهم رسولنا صلى الله عليه وسلم.
يقول الله جلّ وعلا :- (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ)(الأنبياء: 25)
فما معنى هذه الشهادة ؟؟
قولك( أشهد ): اعتقد واقرّ وأخبر،فالشهادة تشمل اعتقاد القلب وقول اللسان والعمل
(أن لا إله إلا الله ):
معناها لا معبود بحق إلا الله، فمعنى" لا إله إلا الله" ليس أنه لا يوجد إله غير الله وإنما معناه أن هناك آلهة غير الله تعبد بغير حق يجب ردّها ، لأنه من صرف أى عبادة من العبادات لكائن من كان غير الله فإنه قد اتخذه إلهاً ولو لم يقل له أنت إلهي.
فاعلم أن هذه الكلمة ( لا إله إلا الله )
نفي وإثبات:
نفت الإلهية عما سوى الله تعالي بقول "لا إله "،واثبتت الالهية لله وحده بقول"إلا الله".
والمطلوب من العبد هو العلم بمعني هذه الكلمة واعتقاده والإقرار بها بالسان والعمل بماتقتضيه من إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة ،فمن صرف شئ من العبادة لغير الله سبحانه وتعالى فقد نقض هذه الكلمة ولو قالها فى اليوم ألف مرة ،وقوله يخالف اعتقاده ولا ينفعه مجرد القول فالشهادة لا بد فيها من العلم والإعتقاد كما بينا.
وقد تقرر معنى هذه الشهادة فى كثير من مواضع القرآن:
قال تعالى :
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ . إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ . وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) الزخرف26_28.
- قوله:(إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ) هذا موضع النفى، وقوله:( إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) هذا موضع الاثبات.
- وقال تعالى :
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (آل عمران : 64)
الكلمة السواء هى لا إله إلا الله قوله : (ألاّ نَعبد) موضع النفى وقوله (إلا الله ) موضع الاثبات.
- وقال تعالى :
(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) النساء36
اعبدوا الله :
اثبات الإلهية كلها لله ، ولا تشركوا به :نفي الإلهية عن سوى الله.
- وقال تعالى :
(فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة :256)
- العروة الوثقى فى الآية هى الاسلام ،قوله : (يكفر بالطاغوت ): نفي الطواغيث ،وقوله (يؤمن بالله ) اثبات الايمان لله وحده.
إن معنى العروة الوثقى في هذه الآية هو الإسلام ، الإسلام الذي أمر به الله ورضي عنه.
- ويتبين لنا أن الإنسان لا يستطيع أن يستمسك بالعروة الوثقى التي هي الإسلام بمجرد الإيمان فقط ، فلا بد أن يكون إيمانه هذا مشتملاً على إنكاره ورده للطاغوت بجميع أشكاله وألوانه ، وإذا لم يفعل ذلك وآمن بالله بدون أن يكفر بالطاغوت فإن إيمانه هذا لا ينفعه ولا يقبله الله منه ، وليس له قيمة في ميزان الله يوم القيامة،فالكفر بالطاغوت دعوة جميع الرسل
قال تعالى:
( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) النحل36
- إذاً فبدون الكفر بالطاغوت لا يمكن أن يكون هناك إسلام ولا إيمان يقبله الله تعالى ،
كما قال تعالى
(وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ) الزمر17
فإن الله سبحانه وتعالى وضع شرطين للإسلام الصحيح هما:
"الكفر بالطاغوت والإيمان بالله " ، فإذا تخلف شرط واحد فلا إيمان ولا إسلام صحيح مقبول.
والحمد لله رب العالمين...منقول