صفحتي

صفحتي
مدونة ياقوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره
الاثنين، 12 ديسمبر 2016

(١٠) مسألة العذر بالجهل في التوحيد

ومن الأدلة على عدم عذر أحد بالجهل:

قول الله تعالى : ( فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلضَّلَٰلَةُ ۚ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُواْ ٱلشَّيَٰطِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ )

قال بن جرير الطبري : الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأعراف: 30] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ الْفَرِيقَ الَّذِي حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّمَا ضَلُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَجَارُوا عَنْ قَصْدِ الْمَحَجَّةِ، بِاتِّخَاذِهِمُ الشَّيَاطِينَ نُصَرَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَظُهَرَاءَ، جَهْلاً مِنْهُمْ بِخَطَأِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ فَعَلُوا ذَلِكَ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ عَلَى هُدًى وَحَقٍّ، وَأَنَّ الصَّوَابَ مَا أَتَوْهُ وَرَكِبُوا. وَهَذَا مِنْ أَبْيَنِ الدَّلالَةِ عَلَى خَطَأِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لا يُعَذِّبُ أَحَدًا عَلَى مَعْصِيَةٍ رَكِبَهَا أَوْ ضَلالَةٍ اعْتَقَدَهَا إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهَا بَعْدَ عِلْمٍ مِنْهُ بِصَوَابِ وَجْهِهَا فَيَرْكَبُهَا عِنَادًا مِنْهُ لِرَبِّهِ فِيهَا، لأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ بَيْنَ فَرِيقِ الضَّلالَةِ الَّذِي ضَلَّ وَهُوَ يَحْسَبُ أَنَّهُ هَادٍ وَفَرِيقِ الْهُدَى فَرْقٌ، وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ أَسْمَائِهِمَا وَأَحْكَامِهِمَا فِي هَذِهِ الآيَةِ)

فدلت هذه الأية على أن  أهل الضَّلاَلَةُ الذين اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ  أولياء من دون الله يحسبون ( بجهلهم ) أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ على الصراط المستقيم وهم وعلى الرغم من جهلهم هم عند الله  ضالين من أصحاب الجحيم؛ فلا عذر لأحد بجهل بعده أبدا.
_________________
يتبع ان شاء الله / منقول

(٩) مسألة العذر بالجهل في التوحيد

ومن الأدلة على عدم عذر أحد بالجهل:

1- قول الله تعالى : ( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً )
قال بن جرير الطبري : الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] فَقَالَ بَعْضُهُمْ. مَعْنَاهُ: وَلا تَقُلْ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ .أهــ
وقيل :في ( وَلا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌ ۚ ) لا تقولنَّ في شيءٍ بما لا تعلم.أهــ نقلا
قَالَ تَعَالَى : ( وَلا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌ ۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَٰٓئِكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡ‍ُٔولا )  أَيْ لا تَقُلْ فِي شَيْءٍ مِنْ الأَشْيَاءِ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ فَإِنَّ حَوَاسَّك مَسْئُولَةٌ عَنْ ذَلِكَ  .أهــ نقلا
وقيل : { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } أي : لا تتبع ما لا تعلم ، من قولك : قفوت فلاناً : إذا اتبعت أثره ، ومنه قافية الشعر ، لأنها تقفو كل بيت.أهــ نقلا
وقيل  : باب ترك الحكم بتقليد أمثاله من أهل العلم حتى يعلم مثل علمهم قال الله جل ثناؤه : (وَلا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌ ۚ ) .أهــ نقلا

فهذه الآية من أوضح الأدلة على عدم العذر بالجهل فإنّ من قفى واتبع ماليس له به علم ( يعني بجهل ) حاسبه الله يوم القيامة, فدل على أن من عمل عملاً بجهل حاسبه الله يوم القيامة على جهله ولم يعذره ولو عذره لم يحاسبه وكفى بها حجة وبيانا.

فنقول للمجادلين عن الجاهلين بالله وأحكامه ما تقولون في هذه الآية الواضحة الدلالة أن من تَقْفّى وقفى مَا لَيْسَ لَه بِهِ عِلْمٌ حاسبه الله يوم القيامة ولم يعذره بالجهل فكيف تعذرونه أنتم؟؟!! نعوذ بالله من الضلال.!
_____________
يتبع ان شاء الله / منقول

(٨) مسألة العذر بالجهل في التوحيد

ومن الادلة على عدم عذر أحد بالجهل:

منها قول الله تعالى :

( مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِهِۦٓ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّ ۢ بِٱلإِيمَٰنِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِ صَدۡرا فَعَلَيۡهِمۡ غَضَب مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيم )

وهذه الأية دليل على عذر من وقع في الكفر مكرها بجوارحه بشرط أن يكون قلبه مطمئناً بالإيمان  ( وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلإِيمَٰنِ ) وأما من انشرح صدره بالكفر تحت الإكراه فهو كافر عند الله تعالى قال تعالى ( وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِ صَدۡرا فَعَلَيۡهِمۡ غَضَب مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيم )
فإن الإكراه يكون على البدن لا على القلب ( والله عز وجل لم يسثني الجاهل من الكفر فانتبه )
وأما من انشرح صدره بالكفر دون إكراه فهو كافر ومن لم يكفّره فهو كافر مثله لإنه رافض لحكم الله مكذّب به
فانظر إلى هؤلاء يسمون المجوس والمشركين عباد القبور والقصور والتاركين لحكم الله والمتحاكمين للطاغوت مسلمين مع انشراح صدورهم بالشرك بل ويفتخرون به ويعلنون بشركهم وكفرهم ويدافعون عن أضرحتهم وقبور أوليائهم  ويقاتلون في سبيل الطاغوت وهم مع ذلك عند المرجئة من المسلمين!!!؟؟ نسأل الله السلامة والعافية.

-------------

>>> وقول الله تعالى : ( قُلۡ هَل  ۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلا (١٠٣) ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا (١٠٤) أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِ‍َٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ وَلِقَآئِهِۦ فَحَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَلا نُقِيمُ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَزۡنا (١٠٥)

فذكرت هذه الآية صنفاً من الجهال وصفهم الله تعالى بالأخسرين أعمالا قال الله تعالى ( قُلۡ هَلۡ نُنَبِّئُكُم بِٱلأَخۡسَرِينَ أَعۡمَٰلا )
أي أشد الناس خسارة وضلالا في الدنيا والآخرة  ثم بين حالهم فقال الله تعالى ( ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا )
فعصوا الله ووقعوا في الشرك والكفر من حيث لايشعرون وهم من جهلهم  (  وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا )
فحكم الله عليهم بالكفر مع أنهم جهال يحسبون أنهم يحسنون صنعا قال الله تعالى : ( أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِ‍َٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ وَلِقَآئِهِۦ فَحَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فَلا نُقِيمُ لَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَزۡنا ) وأخبر أن أعمالهم حابطة ولا وزن لهم يوم القيامة وحكم عليهم الله تعالى بنار جهنم قال الله تعالى : (  ذَٰلِكَ جَزَآؤُهُمۡ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي وَرُسُلِي هُزُوًا  )

فهذه الآيات من أدَل الدلائل على عدم عذر أحد بالجهل لأن هؤلاء الصنف من الناس جهال  ويحبون عمل الخير ويحسبون بجهلهم أنهم يُحْسِنُونَ صُنْعًا  فلم يعذرهم الله بجهلهم بل حكم عليهم بالكفر والعذاب في النار مع اعتقادهم أنهم خير الناس طريقة وأقومهم منهجا.

فاقول أي بيان أوضح من هذا وأي حجة أوضح من هذه على أنه لايعذر أحد بجهل وإن حسنت نيته وقصده ما دام جاهلا بمراد الله وأمره  والله ولى التوفيق.

__ قال الإمام بن جرير الطبري في قوله تعالى: ( ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعۡيُهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا ):
وَهَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى خَطَأِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لا يَكْفُرُ بِاللَّهِ أَحَدٌ إِلَّا مِنْ حَيْثُ يَقْصِدُ إِلَى الْكُفْرِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِوَحْدَانِيَّتِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ عَنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ فِي هَذِهِ الآيَةِ، أَنَّ سَعْيَهُمُ الَّذِي سَعَوْا فِي الدُّنْيَا ذَهَبَ ضَلالا، وَقَدْ كَانُوا يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُحْسِنُونَ فِي صُنْعِهِمْ ذَلِكَ، وَأَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ. وَلَوْ كَانَ الْقَوْلُ كَمَا قَالَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُ لا يَكْفُرُ بِاللَّهِ أَحَدٌ إِلَّا مِنْ حَيْثِ يَعْلَمُ، لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ هَؤُلاءِ الْقَوْمُ فِي عَمَلِهِمُ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَحْسَبُونَ فِيهِ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعَهُ، كَانُوا مُثَابِينَ مَأْجُورِينَ عَلَيْهَا، وَلَكِنِ الْقَوْلُ بِخِلَافِ مَا قَالُوا، فَأَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ بِاللَّهِ كَفَرَةٌ، وَأَنَّ أَعْمَالَهُمْ حَابِطَةٌ.أهـــ)

_____________________
يتبع ان شاء الله / منقول

(٧) مسألة العذر بالجهل في التوحيد


البرهان السادس:

قال تعالى:
لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً
[ البينة: 01 – 02 ].
قال قتادة ومجاهد: منفكين يعني منتهين حتى يتبن لهم الحق، فهذا برهان قاطع على صدق دعوانا، فقد سمى الله من تلبس بالشرك من العرب – مشركين- ومن أهل الكتاب- الذين كفروا - مع التصريح الآية ذاتها بأن ذلك قبل أن تأتيهم البينة وهي الحجة الرسالية كما فسرتها الآية ذاتها. فصح يقينا ما قدمناه من أن من تلبس بالشرك حكم بكفره وأنه مشرك ظاهر في واقع الحال يتميز به الناس في الدنيا، ودونما نظر لعلمه وعناده أو جهله وتقليده، وقامت عليه حجة رسالية وبينة أم لم تقم، أما مسألة عذابه يوم القيامة بشركه أو العفو عنه بجهله فهي قضية غير أخرى غير تلك ونتكلم عنها إن شاء الله فيما بعد في مناقشة استدلالهم بأية الاسراء.

وسوف نعرض ان شاء الله لمجموع شبه المخالفين، وبيان فساد احتجاجهم فيها وإظهار مدى تخبطهم في ضرب النصوص ببعضها ببعض من غير علم ولا هدى، وكيف تجرؤوا على الشريعة لمحض الانتصار للرأي. وبين يدي هذا الجواب أود التنبيه إلى قاعدة جليلة قررها الحق سبحانه في كتابه واتفق عليها الأصوليون جميعا وهي من أبسط أسس الفهم. هي ما ثبت بقطع ويقين في دين الله، لا يجوز إبطاله بالظن والاحتمال، وأنه إذا ما ثبت حكم شرعي بوجه القطع وعارضه ما هو ظني أو محتمل وجب صرف الظن بما يوافق اليقين وحمل المحتمل على ما لا يحتمل قطعا.
قال تعالى: وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا
[ النجم: 28 ].

يتبع ان شاء الله / منقول

(٦) مسألة العذر بالجهل في التوحيد

البرهان الخامس:

قال تعالى:
وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
[ الأنعام: 137 ].
وهذا برهان جلي لا انفكاك منه لذي بصيرة، وفي هذه الآية المباركة دلالتان كلاهما حاسمة في هذا النزاع...

الأول: أن سماهم الله مشركين ولم تبلغهم الحجة الرسالية بعد وكانوا أهل فترة وهذا من أوضح ما تكون الحجج.

الثانية: في قوله: زَيَّنَ ، وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ .
فصح أن القوم كانوا يظنون في فعلهم أنه الحق وليس من الشرك، لتضليل سادتهم، ولم يعتبر الله سبحانه لذلك الجهل منهم والالتباس الذي وقعوا فيه وهذه النقطة سنتحدث عنها إن شاء الله باستفاضة في فصل لاحق
ومثل ما سبق قوله تعالى:
قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِرَاء عَلَى اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ
[ الأنعام: 140 ].
وهذا برهان آخر قائم بذاته، ويزيد في قوله تعالى:بِغَيْرِ عِلْمٍ .
فصح أن الحجة العينية التي يتحقق بها العلم وتنتفي معها الشبه لم تكن قائمة، وإن كان الأمر في ذلك واضحا ابتدءا إلا أن الآية قد أكدت هذا المعنى، لتخرس كافة الألسنة فالقوم ما فعلوا فعلهم إلا:سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ .
وفي هذا البرهان يدخل قوله تعالى: بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ َ
[ يونس: 39 ].
وأيضا:
أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
[ النمل: 84 ].
فكل ما قدمنا آيات ودلائل قاطعة حاسمة في إثبات كفر من خرق التوحيد ولو كان جاهلا لا يعلم.

" فأنت إذا عرفت أن الإنسان يكفر بكلمة يخرجها من لسانه، وقد يقولها وهو جاهل، فلا يعذر بجهله ". اه نقلا ،
ووالله ان هذا الكلام ما خرج عن السنة قيد أنملة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن الرجل ليقول الكلمة ما يتبن ما فيها، يهوى بها في النار سبعين خريفا
[ الحديث رواه مسلم ]،
:
" والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له والإيمان بالله ورسوله وإتباعه فيما جاء به فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم، وإن لم يكن كافر معاند فهو كافر جاهل فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين، وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفارا، فإن الكافر من جحد توحيد الله وكذب رسوله إما معاندا أو جاهلا أو مقلدا لأهل العناد ".اه نقلا
وهذا من أوضح ما يكون التفصيل والتحديد.

أقول: وكلام الله أولى، وكتاب الله أعلى، وحجة الله أقطع، وننبه على أن مسألة العلم وشرط تحقيقه لإقامة الحجة سنفصلها أيما تفصيل بإذن الله في فصل لاحق عند الحديث عن صفة الحجة وكيفية إقامتها والشرط فيها، هل إمكانية العلم أم تحققه فعلا وقد نقلته في سلسلة قالوا : فقلنا برقم ٥-٦ تقريبا لمن اراد الاستذاده

يتبع ان شاء الله / منقول

(٥) مسألة العذر بالجهل في التوحيد


البرهان الرابع:

قال تعالى:
وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا
[ آل عمران: 103 ].
فصح بنص الآية أن العرب المشركين قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم كانوا مستوجبين لعذاب النار أي كافرين مع أنهم كانوا قبل الحجة الرسالية، إلا من نجاه الله ببعثة النبي وإتباعه النور الذي أنزل معه.
أقول:هذا برهان ليس هو نص الآية فحسب وإنما هذه الآية هي قاعدة شرعية عامة ومضطردة، فيدرج تحتها كافة النصوص المستفيضة في الكتاب والتي تتحدث عن رحمة الله للناس ببعثة النبي. وأنه نجاهم به من الهلاك المبين، وأنقذهم به من النار ونحو ذلك، وهذا برهان نظري عقلي شرعي بديهي وذلك أنه لم يكن هؤلاء العرب قبل البعثة كفارا مشركين، فضلا عن كونهم معذورين معفى عنهم ما هم فيه ومن عذاب الله هم ناجون، فأي رحمة جاءت لهم، وأي نجاة نجوها، وأي إنقاذ أنقذوا منه، إلا أن يكونوا كفارا مشركين مستوجبين لعذاب الله وبطشه، فرحمهم الله ببعثة النبي، مذكرا إياهم بالله وهديه وأيامه، فمن تبعه هدي ونجا، ومن استمر على كفره وضلاله خسر وذل، هذا بيان واضح تدركه كل فطرة مستقيمة
ولا يتعرض علينا هنا بقوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً
[ الإسراء: 15 ].
لأنها مجملة من حيث الواقع فيما قبل الرسالة، ومحتملة بالنظر للفظ العذاب على ما سنبينه بتوضيح شديد إن شاء الله فيما بعد، وعلى وجه العجالة هنا أقول: أن أقوى تفصيل لإجمال هذه الآية أنها لا تقع فيمن سقط في الشرك واستقام لما عليه قومه من الضلال، وإنما هي فيمن رأى ما عليه قومه من الشرك فأجتنبه وتبرأ منه ولكنه عجز عن درك ما يتوب به إلى الله سبحانه من الطاعات والعبادات
والحجة في كون الآية مجملة من حيث واقع ما قبل الرسالة وظنية من حيث احتمالية لفظ العذاب على ما سيأتي بإذن الله لها من توضيح.
عن مسروق قال: قالت عائشة: يا رسول الله إن بن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين، هل ذلك نافعه؟. قال: لا ينفعه إنه لم يقل يوما رب أغفر لي خطيئتي يوم الدين
[ الحديث رواه مسلم ].
فصح أنه يقينا أنه محاسب على شركه مع أنه تمض عليه الحجة الرسالية؛ عن أنس أن رجلا قال: يا رسول الله أين أبي؟ قال: في النار ،فلما قضى الرجل دعاه فقال: إن أبي وأباك في النار
[ الحديث رواه مسلم ].
وهذا برهان قطعي الدلالة يؤكد ما دل عليه سابقه.مع الآية المباركة التي سقناها، مع القاعدة التي قررنها من مستفيض النصوص القرآنية وهو يثبت بالقطع صحة من ذهب الى القول بتقسيم أهل الفترة ومن هم قبل الرسالة،
بيد أن هذا الحديث فيه نكتة زائدة رائعة، قسمت ظهر المخالف، وذلك أن بعضهم اعترض على الحديث السابق بقوله:' إنها وقائع فردية لا تتعدى أصحابها ' ومع ظهور فساد هذا الاعتراض وبطلانه، إلا أن حديث أنس جاء فيه أن الرجل بعد أن ولى ناداه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبي وأباك في النار
فالنبي أراد أن يقرر للرجل ولمن حوله قاعدة عامة ليست فقط مختصة بأبيه وحده وإنما هي عامة في أهل الجاهلية.
وقد صح ذلك في حوادث أخرى كأم النبي صلى الله عليه وسلم وعمرو بن لحي وغيرهما.
ولما ضاق المقام ببعض مخالفينا قالوا: إنهم كانوا على بقية من دين إبراهيم كانت كافية لإقامة الحجة عليهم، ولو نصح القوم لأنفسهم ودينهم لاستحيوا من مثل هذه الاعتراضات، ولكن الله أراد أن يفضحهم بذات كلامهم، فأصبحوا عن كونهم لا يدركون حتى حدود القضية التي يتكلمون فيها.

يا قوم إذا كان أهل زماننا نحن فيمن توافر في بيت كل امرئ منهم أكثر من نسخة لكتاب الله الكريم بنصه وحرفه كما أنزل على النبي المرسل، وتوافرت كتب التفسير، وكتب السنة والحديث، وكتب الفقه، وغيره حتى تفشى العلم بما لا يجهله إلا معرض غافل بمحض اختياره ورضاه، وقاسى الدعاة لهذا الأمر في كل جانب وكل يوم في أركان البلاد، وقتل من قتل وصلب من صلب، وسجن من سجن، وذاعت أخبارهم في كل صوب وحدبة، إذا كان هؤلاء كما قلتم أنهم معذورون، بجهلهم وقلة العلم بآثار الرسالة وقلة من يقوم بالبيان لهم، فبربكم أخبروني: كيف كانت الكتب السماوية وصحف إبراهيم وموسى؟. محضا لم تشبه شائبة طمس أو تبديل، فضلا عن تفسيرات العلماء لهم وشروحها وذيوع من يقوم بالدعوة إليها بحيث أجزتم لأنفسكم أن تقولوا أنهم غير معذورون بجهلهم وقامت عليه الحجة بما يقطع العذر وينفي الشبه، بينما أهل زماننا وقد علمت عنهم ما علمت،
قلت: أنهم هم المعذورون بجهلهم وقلة العلم بآثار الرسالة فيهم...نبئوني بعلم إن كنتم صادقـين ؟؟؟.
وإن كنتم تحتجون على شرط الحجة الرسالية لانقطاع العذر بقولكم أن الكافرين يحتج عليهم يوم القيامة بقول آخر هو: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ
[ الملك: 08/09 ].
أفلا ترون معي أيها العاذرون أن عبد الله بن عبد المطلب وآمنة بنت وهب وعمر بن لحي، وبن جدعان وأبو من قال له النبي أبي وأبوك في النار، ألا ترون أنهم سيحتجون بأنهم ليسوا من أهل هذه الصفة المذكورة؟.
أيها العاذرون : هل ترون معي أن أبا النبي صلى الله عليه وسلم وأمه وابن جدعان وغيرهم وعامة مشركي مكة قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ، هل ترون أن الحجة الرسالية قد أقيمت عليهم قياما عينيا - كما تشترطون - بما يوجب العلم في ذاتهم، وانقطاع الشبه، وبأن فساد مذهب عمر بن لحي وأمثاله،
ثم أبى هؤلاء بعد كل هذا البيان إلا الرضا بدين الكفر والشرك بالله وهم يعلمون ؟؟. فمالكم كيف تحكمون؟؟؟. ولقد حكى القرآن الكريم عن أهل مكة احتجاجهم على النبي بقولهم: مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ
[ ص: 07 ].
بل كانوا يتعجبون من دعوته ويستغربون منها بقولهم:
أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ
[ ص: 05 ] .
أيها الناس: إن هذه الدعوة لهي أعظم بيانا على اختلاف المعاني في أذهان وضمائر القائلين بعذر جاهل التوحيد واضطرابها في أفكارهم، ثم هم بعد لا يزالون يفتنون الناس ليضلوهم بأفكارهم بغير علم.

أقول: وهذه الأحاديث مع الآية السابقة؛ مع القاعدة المبينة آنفا أدلة وبراهين قطعية على معاقبة المشركين بشركهم، لو جهلوا أو قلدوا ولم يبعث إليهم رسول، وهذا هو المذهب الصحيح في هذه القضية كما سنوضحه بعد قليل إن شاء الله عند تحقيق الكلام عليها، بما يزيل الإبهام ويرفع التعارض عن أي كتابه قال تعالى: أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا
[ النساء: 82 ].
فالعذاب الذي نفاه في سورة الإسراء، غير الذي أثبته في البيان السابق أو حال هؤلاء غير حال هؤلاء يقينا على ما سنبين بإذن الله تعالى.

يتبع ان شاء الله / منقول

عربي باي