صفحتي

صفحتي
مدونة ياقوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره
الجمعة، 11 نوفمبر 2016

من هو المسلم (٣)

شرطي الاسلام
============

الشرط الأول :- الكفر بالطاغوت:
إن مما لا شك فيه أن الذي لا يعرف الطاغوت بجميع أشكاله وألوانه لا يملك إنكاره ولا الكفر به ، مهما ادعى ذلك ، فإن ادعاءه هذا هو ادعاء من أنكر شيئاً وهو لا يعرفه فليس هذا هو الإنكار المطلوب في هذه الآية الكريمة ، وكذلك الذي لا يعرف الإيمان لا يملك الإيمان به فادعاءه الإيمان ادعاء باطل مردود .
يقول الله عز وجل :- ] أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا [ [النساء:60] .
إن الله سبحانه يخبرنا في هذه الآية الكريمة أن هناك أقوام يدعون أنهم آمنوا بالقرآن وبما أنزل على الأنبياء قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومع ادعائهم ذلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت .
إن الله عز وجل ينكر عليهم ادعائهم الإيمان ، لأنه لا إيمان صحيح ولا مقبول مع إرادة التحاكم إلى الطاغوت فلا يجتمع في قلب واحد إيمان صحيح وإرادة التحاكم إلى الطاغوت ، ولو أنهم آمنوا حق الإيمان كما يزعمون لما أرادوا التحاكم إلى الطاغوت ، لأن الله  سبحانه وتعالى قد أمرهم أن يكفروا به ، بقوله تعالى :- ] وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ [ وبين لهم أن الشيطان عليه اللعنة يريد أن يضلهم ويخدعهم ويجعلهم يعتقدون أن ادعائهم الإيمان بما أنزل الله على رسله مع إرادتهم التحاكم إلى الطاغوت يبقيهم على هذا الدين ويجعل ادعاءهم الإيمان مقبولاً عند الله :-      ]وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا[ .
وفي آية أخرى يقول جلّ وعلا :- ] وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمْ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ  [ [الزمر: 17].
في هذه الآية بشّر الله عباداً له بالجنة ووصف لنا هؤلاء المبشّرين بالجنّة أن من صفاتهم أنهم اجتنبوا عبادة الطاغوت وأخلصوا عبادتهم كلها إلى الله سبحانه فاستحقوا بذلك البشرى بالجنّة ورضاء الله عزّ وجل ، وبذلك يبيّن الله لنا في هذه الآية أن الذين يستحقون رضوان الله والبشرى بالجنّة ، هم الذين يجتنبون في حياتهم عبادة الطاغوت بكل أنواعه وأشكاله وصوره ، ويخلصون عبادتهم إلى الله وحده لا شريك له .
وفي هذه الآية الكريمة أيضاً يبين الله لنا بشكل واضح أن من شروط الإيمان الصحيح الذي يؤدي إلى رضى الله تعالى ودخول الجنّة ، اجتناب عبادة الطاغوت.
وفي آية أخرى يبيّن الله لنا أن جميع الرسل جاءوا لدعوة الناس إلى شيئين أساسيين هما :- " عبادة الله وحده ، واجتناب عبادة الطواغيت بجميع أشكالها وألوانها وأنواعها " ، وأن هذين الشيئين يشكلان الأساس الرئيسي لدعوة الرسل جميعهم .
فيقول عز من قائل : ] وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلاَلَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ  [ [النحل: 36].
تبيّن لنا هذه الآية الكريمة أن جميع الرسل بدون استثناء بَيَّنوا وبشكل واضح أن الله لا يقبل عبادة عابد إلا إذا عبده بما شرع على لسان رسله صلوات الله عليهم جميعاً وأخلص العبادة له وحده ، واجتنب عبادة الطواغيت بجميع أشكالها وأنواعها في كل كبيرة وصغيرة .
بعد ذكر هذه الآيات البينات التي تبيّن وجوب إنكار الطواغيت وأن هذا هو ركن أساسي من أركان التوحيد ، يتوجب علينا أن نعرف ما هو الطاغوت التي لا تصلح عبادة ولا إيمان لنا إلا إذا أنكرنا هذا الطاغوت بجميع أشكاله وألوانه وأنواعه.

الطاغوت :- كل ما صرف العبد وصدّه عن عبادة الله وإخلاص الدين والطاعة لله ولرسوله ، سواء في ذلك الشيطان من الجنّ والشيطان من الإنس والأشجار والأحجار وغيرها ، ويدخل في ذلك بلا شك الحكم بالقوانين الأجنبية والعدول عن الإسلام وشرائعه ، وغيرها من كل ما وضعه الإنسان ليحكم في الدماء والأموال والفروج وليبطل بها شرائع الله من إقامة الحدود ، وتحريم الربا والزنا والخمر ، ونحو ذلك مما أخذت هذه القوانين تحلّلها وتحميها بنفوذها ومنفّذيها ، والقوانين نفسها طواغيت وواضعوها ومروّجوها طواغيت ، وأمثالها من كلّ كتاب وضعه العقل البشري ليصرف به عن الحق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم إما قصداً أو عن غير قصد من واضعه فهو طاغوت .
فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله أو يعبدونه من دون الله أو يتّبعونه على غير بصيرة من الله أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله .
يقول الله عز وجل :- ] مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا [ [الكهف: 26].
ويقول أيضاً :] إِنْ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الـدِّينُ الْقَـيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [ [يوسف: 40].

وأما كيف نكفر بالطاغوت فهو أن نعتقد بطلان عبادة غير الله ونتركها ونكفّر أهلها ونتبرأ منهم ونعاديهم.
وحتى نستطيع أن نعرف الطاغوت بوضوح أكثر لنضرب أمثلة من مجتمعنا الحالي.

إن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم :- ] وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ  [ [المائدة: 38].
إن الله  يأمرنا في هذه الآية الكريمة أمراً واضحاً لا لبس فيه ولا غموض ، أن من سرق من ذكر أو أنثى، فيجب قطع يده جزاء له على فعلته ، هذا أمر الله في السارق والسارقة باقٍ إلى يوم القيامة ما بقيت السماوات والأرض .
فبعد هذا الأمر الواضح الجلي فإذا جاء أحد مهما كان وصفه ومركزه ، وأصدر حكماً آخر للسارق بأن منع قطع يده ، وقال لا بد من حبسه لأن قطع اليد غير ملائم لعصرنا هذا ، أو ادعى أن حكم قطع يد السارق غير رادع ، وأن الحكم الملائم الرادع هو قتل السارق ، أو حكم أي حكم يخالف حكم الله في محكم كتابه .
إن من حكم على السارق أو السارقة حكماً غير حكم الله ، سواء بالتخفيف أو التغليظ ولو لم يصرّح بشكل واضح أن حكم الله غير صحيح أو أنه لا يقبل حكم الله ، فإنه وضع نفسه مكان الله عز وجل ، وأعطى نفسه صفة لا تكون إلا لخالق الكون ، وهي حق الحكم بين الناس وللناس ، فيكون بذلك قد نصب نفسه إلهاً من دون الله ولو لم يدّع ذلك ، ولو لم يقل "إني إله من دون الله" ، أو "اعبدوني فأنا إله" ، فإن هذا الشخص قد أعطى لنفسه حقاً لا يكون إلا لله وحده لا شريك له ، وبذلك تجاوز حده وأصبح طاغوتاً .
إن من أطاع مثل هؤلاء ولم يتبرأ منهم ولم يكفّرهم ، أو لم يكفّر من لا يكفّرهم ، فقد كفر ونقض إيمانه وإن صام وصلّى وحجّ وزعم أنه مسلم .
إن سبب كفر هؤلاء هو أنهم لم يكفروا بالطاغوت الذي أمر الله بالكفر به ، وجعل إنكاره بجميع أشكاله وألوانه وأنواعه ، قبل دخول الإيمان شرطاً لدخول الإيمان وبدون ذلك لا ينفع إيمان ولا إسلام ولا عمل .

وهناك مثال آخر يوضح معنى الطاغوت :
يقول الله عز وجل في محكم كتابه :- ] وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا . . . [ [البقرة: 275].
في هذه الآية الكريمة يحرم الله الربا تحريماً قطعياً بجميع أشكاله ، فإذا جاء بعد هذه الآية وهذا الحكم رئيس دولة ما ، ووضع قانوناً يسمح للبنوك التي تتعامل بالربا أن تزاول عملها في بلده ، فإن هذا الحاكم ولو لم يدّع صراحة أن الربا غير حرام ، فإنه في عمله هذا قد خالف أمر الله ، وأحلّ ما حرّمه الله ، وأعطى لنفسه حقاً لا يكون إلا لربّ العالمين وخالقهم وهو حقّ الحكم بين الناس وللناس .
فإن الله جل وعلا يقول :-  ] إِنْ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [ [يوسف: 40].
فإن هذا الحاكم وإن لم يقل "إني إله من دون الله " صراحة كما قالها فرعون ، فإنه بعمله هذا قد جاوز حدّه وادعى الألوهية ، وأصبح طاغوتاً يجب إنكاره ومحاربته والبراءة منه وتكفيره وتكفير من لم يكفّره ، فمن لم يتبرأ من هذا الحاكم وأطاعه ولم يكفّره أو لم يكفّر من لم يكفّره مع علمه أنه شرع مع الله بتحليله الحرام ووضعه حكماً يخالف حكم الله فقد كفر مثله لأنه لم يأت بالشرط الذي فرضه الله على من أراد أن يدخل الإيمان وهو الكفر بالطاغوت .
ومثال آخر يوضح أيضاً معنى الطاغوت ، يقول الله عز وجل :- ] وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ . . . [ [النور: 31]
إن الله سبحانه في هذه الآية الكريمة يأمر النساء أمراً واضحاً صريحاً أن ( يَضْرِبْنَ ) يعني يلقين ( بِخُمُرِهِنَّ ) وهو جمع خمار ( عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) ليسترن شعورهن وأعناقهن وقرطهن .
فإذا جاء حاكم ما وأصدر قانوناً يسمح للنساء أن يتجولن في الأسواق حاسرات الرأس كاشفات العورات ، ثم يقول أنه من تريد أن تتحجّب فلها ذلك ومن لا تريد فلها ذلك هذه حرية شخصية .
إن هذا الحاكم بقوله وعمله هذا وضع قانوناً وميزاناً غير قانون وميزان الله عز وجل حاكم السماوات والأرض فإنه بعمله هذا وإن لم ينكر أمر الله في هذه الآية ويرده صراحة فإنه قد أنكره فعلاً بإصداره قانوناً يخالف ذلك ، فإنه بفعله ذلك جعل نفسه مشرعاً مثل الله يعقب على حكمه ، فإن هذا الحاكم قد تجاوز حدّه وأحلّ ما حرّم الله فأصبح طاغوتاً وإن صلى وصام وحج وزعم أنه مسلم لأنه أعطى لنفسه حقاً لا يكون إلا لله وحده خالق السماوات والأرض وهو حق وضع قانون للبشر دون الله .
إن من أطاع مثل هذا الحاكم أو أعانه ولم يتبرأ منه ولم يكفّره أو لم يكفّر من لم يكفّره فقد كفر ولم يحقق شرط الإسلام ، لأنه لم يأت بشرط الكفر بالطاغوت الذي جعله الله شرطاً أساسياً لدخول الإسلام كما سبق وأن أثبتنا .

ومثالاً آخر : يقول الله تعالى حول موضوع معرفة الغيب :- ]وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [ [الأنعام: 59].
ويقول أيضاً : ]عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا . إِلا مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا [ [الجن: 26-27].
إن الله سبحانه يبيّن لنا في هذه الآيات أن الغيب ومعرفته بيد الله وحده  ، وأنه لا يستطيع أحد معرفة الغيب إلا إذا أخبره الله بذلك ، والله  لا يخبر إلا عن طريق الوحي لمن ارتضى من رسول ، ويكون إخباره للغيب إخباراً جزئياً وليس كلياً أي إخباراً لبعض الحوادث وليس لكل الغيب ، فحتى الرسل والأنبياء لا يعرفون الغيب إلا بالقدر الذي يخبرهم به الله عن طريق الوحي الذي يحفظه الله من تدخل الشياطين.
بعد إيضاح هذه الحقيقة الربّانيّة نقول : إذا ادعى شخص في زمننا هذا مهما كان ، أنه يعرف الغيب ، مثل ما يدور في قلوب الناس ، أو ما سيحدث في المستقبل ، فإن هذا الشخص إما أنه قد ادعى أنه ينزل عليه وحي من السماء فيكون بذلك قد ادعى أنه رسول أو نبي ، وبذلك فقد أنكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء وأنه لا نبي بعده فيكون بذلك قد كفر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، أو أنه يدّعي معرفة الغيب بدون وحي من  الله فيكون قد ادعى أنه يملك صفة لا تكون إلا لله وحده فاطر السماوات والأرض علاّم الغيوب ، فبذلك يكون قد أعلن نفسه إلهاً من دون الله وإن لم يقل ذلك صراحة .
إن من ادعى خاصية معرفة الغيب قد تجاوز حدّه وأصبح طاغوتاً ، فإن هذا الشخص مهما ادعى أنه مسلم وأنه يصلّي ويصوم ويحجّ ويفعل جميع أركان الإسلام ، فإن هذا الشخص بادعائه خاصية معرفة الغيب قد كفر بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، فمن صدّقه أو أطاعه أو لم يكفّره ويتبرأ منه أو لم يكفّر من لم يكفّره فقد كفر وخلع ربقة الإسلام من عنقه وإن صام وصلّى وزعم أنه مسلم ، لأنه لم يحقق شرط الكفر بالطاغوت الذي لا يدخل الإسلام ويتمسّك بالعروة الوثقى من لم يحقّق هذا الشرط كما أمره الله ، والإتيان بهذا الشرط قولاً فقط لا يفيد شيئاً فيجب أن يحققه عقيدة وقولاً وعملاً .
هذه بعض الأمثلة سردتها لتوضيح معنى الطاغوت بشكل واضح يفهمه العامّي فضلاً عن العالم ليتبين كل إنسان أين هو من إنكار الطواغيت وأين هو من الإسلام ، دين الله الذي ارتضاه الله له ....يتبع ان شاء الله

منقول

عربي باي