صفحتي

صفحتي
مدونة ياقوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره
الجمعة، 18 نوفمبر 2016

المفهوم العلماني الخاطئ للإسلام

نحذر هنا في هذا المقام من خطر عظيم كان سببا في الفهم السيئ لحقيقة الدين عند كثير من الناس الذين ينتسبون للإسلام وغيرهم هذا الخطر هو:
المفهوم العلماني للدين، فالعلمانيون يحصرون الدين في العلاقة بين العبد و ربه ويختزلونه في آداء الشعائر التعبدية من صلاة وصوم وزكاة وحج ونحوها، ويفصلون الدين عن نظام الدولة وواقع الحياة، ويحاولون كل جهدهم أن يُفهموا الناس أن الإسلام مجرد طقوس تعبدية وأخلاق جميلة وأنه لا علاقة له بتنظيم واقع الناس وتسيير حياتهم وتحديد المنهج والنظام الذي يسيرون عليه، يريدون بذلك تخدير من ينتسبون للإسلام كي لا يفيقوا بما يبدِّله الطواغيت من شريعة الرحمن وما يشرعونه من أحكام لا تمت للإسلام بصلة، وقد استطاعوا بهذا التخدير والتمويه أن يتحكموا في دنيا الناس بما شاءوا ويسوقونهم حيث أرادوا ويجعلونهم عبيدا لهم مع الله عز وجل.
تجد في البنود الرسمية من الدستور أن الإسلام هو الدين الرسمي للبلاد وأن القرآن هو شريعة المجتمع وتجد في واقع الحياة أن السيادة والحكم للقانون الوضعي البشري الخسيس.
إسلام ولكن لمن؟!! لله أم للقانون؟!! أم جزء لله وجزء للقانون؟!!
تعالى الله عما يشركون
( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) (النساء: من الآية60)
الإسلام هو الدين الرسمي للبلاد والقرآن هو شريعة المجتمع وللحاكم أن يشرع ما شاء ويضع القانون الذي يريد وسوف يتلقى الشعب هذا القانون بكل صدر رحب ويضعونه على رؤسهم !!!!!!!!!
سبحان الله وتعالى عما يشركون
قال تعالى: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)(الأنعام: من الآية121)
إن قَبِلَ الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه – أولئك الأخيار الأطهار – تشريعا واحدا من غير الله كانوا بذلك كفار مشركين كأبي جهل وأتباعه.
وقبول الناس اليوم لمئات التشريعات من غير الله لا يجعلهم كفارا لأنهم يقولون لا إله إلا الله ويقولون أن الديانة الرسمية للبلاد هو الإسلام !!!!!!!!!!
هكذا يريد البازيون والعثيمينيون والألبانيون والمدخليون وأتباعهم
سبحان الله وتعالى عما يشركون
هل الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه لم يكونوا يقولون لا إله إلا الله عندما قال لهم الله عز وجل : (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) ؟!!!!
أي حين عدلتم عن حكم الله إلى حكم غيره فذلك هو الشرك، كما فسر الآية أئمتنا من السلف الصالح الذين لم يدخلوا في دين العلمانية
صبر جميل أيها العلمانيون موعدنا يوم العرض يوم يقول أتباع المشرعين : (تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (الشعراء:97: 98)
أي نجعل أمركم مطاعا كما يطاع رب العالمين
كانوا في الدنيا يجعلون أوامر سادتهم ورؤسائهم كأوامر الله يطيعونهم كما يطاع الله
أسأل الله أن يسهل عليك فهم ما سطَّرته لك أيها القارئ الكريم
-
ولن نفهم الإسلام إلا إذا تحررنا من هذا المفهوم العلماني الخبيث وعُدْنا إلى المفهوم الصحيح الذي يحدده ربنا الذي شرع لنا هذا الدين، فالإسلام عند الله هو الاستسلام الكامل لله عز وجل والاتِّباع لشريعته وحده في جميع مجالات الحياة والاحتكام له وحده في تنظيم الحياة كلها.
فالإسلام إيمان بالله وحده وكفر بالأرباب والآلهة والأنداد المعبودة من دونه.
وليس الإسلام مجرد عقائد غيبية وعبادات روحية وأخلاق زكية بل هو منهج ونظام كامل متكامل ينظم حياة المسلمين كلها، فالذي شرع لنا الصلاة والزكاة والصوم والحج هو الذي شرع لنا أحكام الزواج والطلاق وما يتعلق بها، وهو الذي شرع لنا أحكام المعاملات مع بعضنا ومع غيرنا في السلم والحرب، وهو الذي شرع لنا أحكام الحدود والعقوبات، فصلاتنا لله عبادة ومعاملاتنا في البيع والشراء وفق شرع الله عبادة، وقطعنا يد السارق وجلدنا لشارب الخمر ورجمنا للزاني عبادة، ولن نكون مسلمين لو اتبعنا شريعة الله في الصلاة والزكاة والصوم والحج واتبعنا شريعة غيره في الحدود والعقوبات والمعاملات.
فالدين لن يكون ديناً يرضاه الله إلا إذا كان خالصا لله وحده، ولن يكون خالصا لله حتى تكون العبادة خالصة لله والحكم والتحاكم والطاعة والاتباع خالصا لله وحده، فلا نعبد غيره ولا نحتكم لسواه ولا نقبل تشريعا من غيره.
فإذا فهمنا الإسلام بهذه الصورة وطَبَّقناها في واقع حياتنا ورفضنا أي مفهوم وصورة أخرى للإسلام ففي هذه الحالة فقط نكون قد أسلمنا لله كما يريد ربنا وخالقنا، قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) (النساء:125)
وقال عز وجل: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام:162: 163)
الصلاة والنسك والحياة كلها والممات أيضا لله وحده دون شريك . هذا هو دين الإسلام ملة إبراهيم دين النبي محمد عليهما الصلاة والسلام.
هذا هو الإسلام لا كما يريده العلمانيون ويمهد له البازيون والعثيمينيون والألبانيون الذين وقعوا في شراك العلمانية النتنة.
والذي نفسي يبده لقد فهم زيد بن عمرو بن نفيل معنى أن يكون مسلما لله لما قال:
أسلمتُ وجهي لمن أسلمت *** له الأرض تحمل صخراً ثِقالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت *** له المُزْنُ تحمل عذبا زُلالا
إذا هي سيقت إلى بلدة *** أطاعت فصبت عليها سِجالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت *** له الريح تصرف حالا فحالا
فهل أسلمت الأرض والمزن والريح لأحد غير الله، فكيف يستسلم من يزعم الإسلام لغير الله خالقه ورازقه ومدبر أمره.
فتفكر ياعبد الله في نفسك هل شارك اللهَ أحدٌ في خلقك؟
فإن لم يكن أحد شاركه فهل أعانه أحد على خلقك؟
فإن لم يشاركه ولا أعانه أحد في خلقك. فهل وكَّل الله أمر تدبيرك وتصريف حياتك ورزقك وموتك وبعثك وحسابك أحداً من الخلق؟
فإن كنت تقر بأن الله وحده خالقك ومالكك ورازقك ومدبر أمرك ومصرف حياتك ومميتك وباعثك ومحاسبك ومجازيك فكيف تعطي لمخلوق ضعيف مثلك نصيباً من حياتك يتصرف بها كيف يشاء بما يغضب ربك وخالقك؟ أين ذهب عقلك؟
قال الله تعالى: (أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف39 :40)
وقال تعالى: (وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ * إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ) (يّـس22: 23: 24 :25)
قال زيد بن عمرو بن نفيل:
أرباً واحدا أم ألف ربٍّ **** أدين إذا تقسَّمتِ الأمور
عزلتُ اللات والعزى جميعا *** كذلك يفعل الجَلَدُ الصبور
فلا عزى أَدِينُ ولا أبْنَتَيْها **** ولا صَنَمَي بني عمرو أزور
ولا هبلا أدين وكان ربا **** لنا في الدهر إذ حلمي يسير
عجبتُ وفي الليالي معجبات *** وفي الأيام يعرفها البصير
بأن الله قد أفنى رجالا **** كثيرا كان شأنهم الفجور
وأبقى آخرين بِبِرِ قوم **** فيربل منهم الطفل الصغير
وبينا المرء يعثر ثاب يوما **** كما يتروَّح الغصنُ النضير
ولكن أعبد الرحمن ربي *** ليغفر ذنبيَ الربُّ الغفور
فتقوى اللهِ ربِّكمُ احفظوها *** متى ما تحفظوها لا تبوروا
ترى الأبرار دراهم جنان *** وللكفار حاميةٌ سعير
وخزيٌ في الحياة وإن يموتوا*** يلاقوا ما تضيق به الصدور

الحمد لله الحمد لله الحمد لله الذي أخرجنا من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ومن ظلمات الكفر إلى نور الإيمان وأنقذنا بفضله ومنِّه وكرمه بعد أن كدنا نكون من جُثِيِّ جهنم وحطبها، وجعلنا مسلمين له حنفاء غير مشركين به شيئا.

_______________
منقول

عربي باي