ظن البعض بأن إفراد شرع الله بالإتباع في القضايا الجماعية لا دخل له في معنى "لا إله إلا الله"
فأين هؤلاء من قول الله –عز وجل-: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ)) [النساء: 60]؟
فربنا –تبارك وتعالى– يعلن أن مجرد التحاكم إلى الطاغوت عملا مخالف للكفر بالطاغوت، أي هو إيمان به وكفر بالله، أي هو مخالف لشهادة أن لا إله إلا الله، التي تعني الكفر بالطاغوت والإيمان بالله
والمستمسك بالعروة الوثقى هو المستمسك بـ"لا إله إلا الله"، أي هو المستمسك بالإسلام، وإلا فليس من أهله، وإنما هو من أولياء الطاغوت، وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم، ما دام مخلا بهذا الأصل الأعظم، ((اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) [البقرة: 257].
والأدلة على هذا الأصل عديدة
يقول ربنا –عز وجل-: ((قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبًّا)) [الأنعام: 164]
كما يقول: ((أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا)) [الأنعام: 114].
انظر هداك الله في نفس السورة سؤال تعجب في ابتغاء غير الله ربا وكذلك سؤال تعجب في ابتغاء غير الله حكما
ويقول: ((أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ)) [آل عمران: 83]
كما يقول: ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ)) [المائدة: 50].
ويقول: ((قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا)) [الجن: 20]
كما يقول: ((إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ)) [يوسف: 40].
فكلا الفعلين عبادة، وكلاهما كفر وشرك بالله إذا قُدّما لغيره، ما دام الله قد صرفهما عن غيره واختص بهما وحده،
يقول الله –تعالى-: ((اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)) [التوبة: 31].
ويقول عن المشركين ((إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ)) [الشعراء: 98]، فسووهم بالله في العبادة لا في الربوبية، فالعرب لم تكن تعتقد أن أصنامها تخلق وترزق، لكنهم دعوها من دون الله، وكذلك كل من صرف حق الله إلى غيره قد سواه بالله وجعل منه ندًّا لله سبحانه، فقد أُمِرنا بالإحتكام إلى الله وحده مثل دعائه والسجود له وحده. اهـ
__________________
منقول