صفحتي

صفحتي
مدونة ياقوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره
الخميس، 1 ديسمبر 2016

نصيحة لمن نحب له الخير


من الواجب علينا أن نصدُقَ في نُصح الناس وإبلاغهم دين الله الذي منّ الله علينا بمعرفته والدخول فيه وسلوك سبيله، والواجب في ذلك مع من استنصحنا أشد وآكد، فعلينا أن نبذل في ذلك قصارى جهدنا وألا نكتم عنه شيئا نعرف أنَّ نجاته فيه، فنسأل الله أولاً أن يعيننا على إسداء النصيحة وأن يشرح صدر من طلب النصيحة لقبول الحق وهجر الباطل أيا كان ومع من كان.
إن من أعظم نعم الله على عبده أن يختاره من بين الناس من حوله لعبادته وحده التي فيها سعادته ونجاته، ويجنِّبه عبادة غيره التي فيها شقوته وتعاسته وخسرانه، ويعرِّفه دينه الحق وصراطه المستقيم ويوفّقه لسلوكه والاستقامة عليه ويثبّته على ذلك حتى يلقاه فإن الثبات على الدين الحق عزيز هذه الأيام، الفتن كثيرة مظلمة، والغربة قاسية شديدة، وأعوان الخير قليلون، والطريق طويل، والصبر قليل، والزاد لا يبلغ المحل، نسأل الله النجاة.
ودين الله الحق قد صار اليوم غريبا فما يعرفه الناس اليوم من دين الله هو فروع هذا الدين لا حقيقته وأصله، يعرفون الصلاة والصوم والحج وقراءة القرآن والذكر والتسبيح وغير ذلك ويجهلون التوحيد وما يتحقق به وما ينقضه، ولا يبنون دينهم على الأصل الثابت الذي بناه الله عليه، وكل بناء لم يكن له أصل ثابت انهدم وانهار، وعلى قدر ثبات الأصل ورسوخه يثبتُ البناء، والبناء العالي الكبير لابد له من أصل قوي ثابت يقوم عليه، وشجرة الإيمان التي قال الله عنها أن فرعها في السماء وأنها تؤتي ثمارها كل حين أول ما أخبر عنها أن لها أصلا ثابتا، {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [إبراهيم 24-  25]، هذا الأصل الثابت هو كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، فالدين كله يقوم على هذه الكلمة، بدونها لا يصح شيء من الفروع، وهذا الأصل ظنَّ الناس اليوم أنه يتحقق بمجرد التلفظ بحروف هذه الكلمة، فمن تلفظ بالشهادتين فهو على الإسلام لا ينقصه إلا أن يهتم بالفروع من صلاة وصيام وزكاة وأخلاق وغيرها، ولا يعرفون أن الإيمان بالشهادتين اعتقادا وقولا وعملا هو أصل الإسلام لا مجرد النطق بهما فقط، وقد كنا ممن يحسب نفسه من المهتدين ونحن لا نعرف كيف نوحِّد ربَّ العالمين وكيف نكفر بالطاغوت اللعين، إلى أن هدانا الله لمعرفة توحيده والعمل به والبراءة من الشرك وأهله.
ولهذا فإننا ننصح أولا بأن تراجعوا فهم الأصل الذي جاء بالدعوة إليه كل المرسلين، {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل : 36.
فمن جهل الأصل الذي يكون به مسلما يجب عليه قبل كل شيء أن يتعلمه ويعمل به.
فهل تعرفون ما معنى أن يختار الإنسان أن يكون عبدا لله؟
إن الله لا يرضى بعبودية يُجعل جزء منها لغيره، فمن دعا غيره فقد جعل العبادة لغيره، ومن ذبح لغيره كذلك، ومن اتبع تشريعا من عند غير الله كذلك.
إن الله فرضَ على من أراد أن يعبده أن يعبده مخلصا له الدين، أي أن تكون عبادته كلها لله وحده لا يتوجه بشيء منها لغيره، وعبادة الله تشمل الحياة كلها، فمن لم يسلم لله في حياته كلها لا يقبل الله منه استسلامه له ببعض حياته (أقصد لا يقبل الله صلاته مثلا وهو مستسلم لغير الله في جزء آخر من حياته.
هل تعلمون أن الإنسان لا يكون مسلما لله حتى يوحِّده في الخضوع والانقياد والاستسلام ويرفض رفضا قاطعا الخضوع والاستسلام لغيره؟
هل تعرفون ما يفرّق بين المسلم والكافر؟ هل قول لا إله إلا الله هو الذي يفرق بين المسلم والكافر هذا الزمان؟
هل مجرد النطق بالشهادتين والانتساب للإسلام هو الذي يجعلكم على دين الأنبياء والمرسلين؟ أم الإيمان بالشهادتين والاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بطاعته وطاعة رسوله والبراءة من الشرك وأهله هو الذي يجعلكم مسلمين؟
الغرض من هذه التساؤلات والإشارات أن تضعوا أرجلكم على الطريق الصحيح ، وتكون الخطوة الأولى في هذا الطريق هو تعلم ما لم تعرِفوه من قبل عن توحيد الله وكيفية تحقيقه والاستسلام لله به، فهذه أول خطوة في الطريق إلى الله ، إن وفقكم الله لها وفقكم الله لما بعدها، وإن تغافلتم عنها داهمكم الموت وأنتم على غير الطريق الموصل إلى الله.
ليس الفرق بين المسلم والكافر أنَّ المسلم يعرف وجود الله والكافر ينكره، ولا أن المسلم يتلفظ بالتوحيد والكافر لا يتلفظ به، ولا أن المسلم يعرف التوحيد والكافر لا يعرفه، بل الفرق بينهما أن المسلم هو من يؤمن بالله ربا وحكَما ومشرِّعا ووليا ومعبودا مطاعا، ويوحّده في ربوبيته وحاكميته وتشريعه وولايته وعبادته وطاعته، ولا يشرك به شيئا، لا يجعل أي نوع من العبادة لغيره ، ولا يتبع غيره في تشريع ولا تحليل ولا تحريم، ويكفر بكل رب يحرم ويحلل ويشرِّع من دونه، وكل إله يتوجه له بشيء من أنواع العبادة غيره، أو يُعتقد فيه ما لا ينبغي إلا لله،وكل من يوالي فيه الناس ويعادون من أجله غيرَ الله عز وجل.
هذه نصيحتنا بشيء من الاختصار، فتدبروها لعل الله أن ينفعكم بها.
ولا تنسوا دعاء الله والإلحاح في طلبه وقصد بابه فكل ما تطلبون : عِندَ الله مفاتحه وبيده خزائنه، فاسألوه يُعطِكم، واشكوا إليه وارفعوا إليه حاجتكم فكلنا فقير إليه وهو الغني عنا جميعا...منقول

(٨) وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون

شروط الدخول في الإسلام
**************************

إن الله سبحانه أخبر أن دينه الإسلام وأنه لا يقبل من أحد دينا غيره:
]إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ اْلإِسْلاَمُ[  [آل عمران:19]
]وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ اْلإِسْلاَمِ دِيْنًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخرة مِنَ اْلخَاسِرِينَ[   [آل عمران:85].
وقد شرط الله لمن أراد الدخول في الإسلام شروطا، أولها التوبة من الشرك والكفر.
قال الله تعالى: ]فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ[ [التوبة:5].
وقال الله تعالى: ]فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّيْنِ[ [التوبة:11].
والمراد من التوبة في الآيتين هو التوبة من الشرك والكفر.
قال الطبري ]فإن تابوا[ يقول: "فإن رجعوا عما نهاهم عنه من الشرك بالله، وجحود نبوة نبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأنداد، والإقرار بنبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم .
ثم روي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: "توبتهم خلع الأوثان وعبادة ربهم وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة "
وقيل: ]فإن تابوا[ أي عن الشرك والتزموا أحكام الإسلام. وقيل : ]فإن تبتم[ أي عما أنتم فيه من الشرك والضلال.
وما قاله أنس رضي الله عنه والمفسرون عن التوبة المطلوبة من المشركين وأنها التوبة من الشرك والكفر هو الحق الصريح. ولم يكن أنس رضي الله عنه وغيره يرون أن ما قالوه يعارض الحديث الصحيح. {أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله} [متفق عليه].
بل إن أنس رضي الله عنه من الرواة لهذا الحديث، وإنما كانوا يرون أن الحديث يطابق الآية في المعنى والمراد. لأن الإنسان إذا شهد أن "لا إله إلا الله" فقد كفر بشهادته بأن مع الله آلهة أخرى، التي كان يشهدها في كفره. وصار حينئذ متبرئا تائبا من الشرك في ظاهره. فتحققت بذلك التوبة التي أرادها الله من المشركين. ولم يكن في زمان الصحابة والتابعين من ينطق بكلمة الشهادة من أهل الأوثان، ثم يصر على عبادة وثنه القديم كما بينا سابقا. وإنما وجد من يفعل ذلك في الأزمنة المتأخرة عندما ابتعد الناس عن حقيقة الإسلام. واتبعوا سنن اليهود والنصارى الذين أشركوا بالله واتخذوا الأحبار والرهبان أربابا من دون الله وهم يقولون مع ذلك بأفواههم "لا إله إلا الله" تقليداً ووراثة.
ولم يكن النبي صلّى الله عليه وسلّم، عند ما كان يعلِّم الصحابة شروط الدخول في الإسلام، يردد لفظا واحدا متكررا في التعبير عن المعنى المراد. ولكن صحّت عنه ألفاظ مختلفة تؤدى إلى معنى واحد.
فقد صحّ عنه أنه قال: {أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله} الحديث.
وصحّ عنه أنه قال: {من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عزّ وجلّ}  [مسلم].
وصحّ عنه أنه قال: {بني الإسلام على خمس على أن يعبد الله ويكفر بما دونه وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان} [متفق عليه].
فمن تأمل الآيتين من سورة التوبة وما قاله السلف في تفسيرهما وتأمل الأحاديث التي صحت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم بألفاظها المختلفة والتي تجيب عن: متى يصبح المشرك مسلما في ظاهره ؟؟ .
من تأمل ذلك يعلم علم اليقين أن التوبة من الشرك والكفر والبراءة من ذلك في الظاهر شرط للدخول في الإسلام. وأن من جاء بالنطق المجرد وهو مقيم على شركه وعبادته لغير الله لا ينفعه النطق شيئاً. ولا يكتسب به صفة الإسلام. لأنه قد تبين أنه لم يتب من الشرك، ولم يكفر بما يعبد من دون الله.
ويعلم كذلك أن الإنسان  قد ينطق بكلمة التوحيد وهو لا يكفر بما يعبد من دون الله. فإذاً لا يصحّ أن يُقال إن كلّ من أتى بالنطق "مسلم" إجمالاً وإن خالف فعله نطقه ولكن يجب التفصيل بأن يقال  من شهد أن "لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله" تائباً متبرئاً من الشرك في الظاهر صار مسلماً مع بقية الشروط الأخرى من الصلاة والزكاة وغير ذلك. ومن شهد أن "لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" وهو مقيم او مصرّ على شركه لم يكن بذلك مسلما، وإن أتى ببقية الشروط الأخرى كالصلاة والزكاة وغير ذلك.

ف" الكافر إذا كان وثنيا أو ثنويا لا يقرّ بالوحدانية فإذا قال: "لا إله إلا الله" حكم بإسلامه ثم يجبر على قبول جميع أحكام الإسلام ويبرأ من كل دين خالف دين الإسلام.
وأما من كان مقرا بالوحدانية منكرا للنبوة فإنه لا يحكم بإسلامه حتى يقول محمد رسول الله. وإن كان يعتقد أن الرسالة المحمدية إلى العرب خاصة، فلابد أن يقول :" إلى جميع الخلق".
فإن كان كفره بجحود واجب أو استباحة محرم فيحتاج أن يرجع عما اعتقده.ا هـ نقلا.
وهذا الذي "يحتاج أن يرجع عما اعتقده" هو الذي يقر بالشهادتين ولكنه كفر بجحود واجب أو استباحة محرم. كما قاتل أبو بكر رضي الله عنه مانعي الزكاة ولم يخالفه في ذلك أحد من الصحابة. فكان إجماعا منذ ذلك الوقت، وكذلك اتّفق الفقهاء بعده.  ومن اعتقد عدم وجود كافر يقر بالشهادتين يلزمه أن يقول بتخطئة الصحابة رضوان الله عليهم وأن يدعى أنه قد اهتدى للصواب بعدهم.
وهذا هو الجواب عن متى يصير المشرك مسلما. له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين.

*  *  *  *  *
منقول

(٧) وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون

معاداة الرسل للمعبودات من دون الله
************************************

ومما يدلُّ على أن النطق بكلمة التوحيد لم يكن الغاية والمراد من وراء الدعوة التي قام بها رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم على توالى الأزمان. وإنما كان تحقيق عبادة الله وحده، والكفر بما يُعبد من دونه في الواقع العملي والحياة المشهودة. مما يدلُّ على ذلك معاداة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم للمعبودات، وسعيهم لإزالة وكسر الأصنام والأوثان عند المقدرة عليها. وقد قصَّ الله قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وما جرى بينهم في مواضع من القرآن.
فأخبرنا الله تعالى أنَّ إبراهيم عليه السلام قصد إلى الأصنام فكسرها. فأرادوا تحريقه بالنار فأنقذه الله منها. فدلّ ذلك على أن الله كان راضياً عما فعل إبراهيم عليه السلام.
قال الله تعالى: ]فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ. قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ. قَالُوا سَمِعْنَا فَتىً يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ. قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ. قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ. قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ. فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ. ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ  لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤلاء يَنْطِقُونَ. قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ  مِنْ دُونِ اللهِ مَا لاَ يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ. أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ. قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ. قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ. وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ اْلأَخْسَرِينَ[  [الأنبياء: 58-70].
وكذلك حرَّق موسى عليه السلام عجل السامري.
وقال: ]وَانْظُرْ إِلَى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا.إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللهُ الَّذِي لاْ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً[ [طه: 97]
وكان صلّى الله عليه وسلّم مأموراً بإتّباع ملّة إبراهيم. والإقتداء بهدي مَن سبقه من الرسل.
قال الله تعالى: ]أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ[ [الأنعام:90]
وقال الله تعالى: ]ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَاكَانَ مِنَ اْلمُشْرِكِينَ[ [النحل:123]
وكان مأموراً بكسر الأوثان. قال صلّى الله عليه وسلّم  لما سأله عمرو بن عبسة بأي شيء أرسلك؟ قال: {أرسلني بصلة الأرحام وكسر الأوثان وأن يُوحّد الله ولا يشرك به شيء}. [مسلم].
ولذلك لما افتتح مكة أزال ما كان حول الكعبة من الأصنام. وهو يقرأ:
]وَقُلْ جَاءَ اْلحَقُّ وَزَهقَ اْلبَاطِلُ إِنَّ اْلبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا[  [الإسراء:81]
]قُلْ جَاءَ اْلحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ اْلبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ[  [سبأ: 49]
وأرسل رجالاً من أصحابه ليهدموا الأوثان والطواغيت التي كانت خارج مكة. فأرسل خالد بن وليد إلى "العزى"، فهدمها وأزالها. وأرسل سعد بن زيد إلى "مناة" فهدمها. وأرسل عمرو بن العاص إلى "سواع" فهدمه. وهكذا كان رسول صلّى الله عليه وسلّم يزيل الأوثان من كل بقعةٍ غلب عليها. وقد سأله وفد ثقيف أن يَدَعَ لهم اللاّت لا يهدمها ثلاث سنين، فأبى أن يدعها شيئا مسمى
"ومنها أنه لا يجوز إبقاء مواضع الشرك بعد القدرة على إبطالها يوماً واحداً. فإنها شعائر الكفر.وهى أعظم المنكرات. وهذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور التي اتّخذت أوثاناً يُعبد من دون الله، والأحجار التي تُقصد للتعظيم والتبرك والنذر والتقبيل.لا يجوز إبقاء شئ منها على وجه الأرض مع القدرة. وكثير منها بمنْزلة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، أو أعظم شركاً عندها وبها.  وبالله المستعان.
ولم يكن أحدٌ من أرباب هذه الطواغيت يعتقد أنها تخلق وترزق أو تحيى أو تميت وإنما كانوا يفعلون عندها وبها ما يفعله إخوانهم من المشركين عند طواغيتهم اليوم. فاتَّبع هؤلاء سنن من كان قبلهم حذو القذة بالقذة وأخذوا مأخذهم شبراً بشبرٍ، وذراعاً بذراعٍ.
وغلب الشرك على أكثر النفوس لظهور الجهل وخفاء العلم وصار المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، والسنة بدعةً، والبدعة سنةً. ونشأ في ذلك الصغير، وهرم عليه الكبير. وطمست الأعلام، واشتدّت غربة الإسلام وقلَّ العلماء، وغلب السفهاء. وتفاقم الأمر، واشتدّ البأس، وظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي الناس. ولكنه لاتزال طائفة من العصابة المحمّدية بالحقّ قائمين ولأهل الشرك والبدع مجاهدين، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين".إ هـ ذاد المعاد
وكان صلّى الله عليه وسلّم يأمر بطمس الصور وتسوية القبورالمشرفة سداً للذريعة إلى الشرك.
عن أبى الهياج قال: قال لى عليّ رضي الله عنه {ألا أبعثك على ما بعثنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ ألا تدع صورةً إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سوّيته} [مسلم].
عن عائشة رضي الله عنها: {أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يكن يترك شيئاً فيه تصاليب إلاّ نقضه} [البخاري].
وهذا الاهتمام البالغ بإزالة الأوثان والمعبودات من مقتضى التوحيد والإقرار بـ"لا إله إلا الله". ومن استجاب لدعوة الرسل وشهد أن "لا إله إلا الله" فقد رَضِيَ بكسر الأصنام والأوثان التي تُعبد من دون الله.
ومن لم يرضَ بذلك فقد كذب في ادّعائه للتوحيد، لأنَّ الرضي بالكفر كفرٌ، وإن قال بلسانه "لا إله إلا الله". فإذا كان هذا حال من يقول "لا إله إلا الله" إذا لم يرضَ بكسر الأصنام والأوثان، فكيف يكون حال العابد لها والناذر لها والذابح لها والمستغيث بها؟ أليس يكون كاذباً في إدّعائه للتوحيد وقوله "لا إله إلا الله"؟!.
وكذلك كانت دعوة الرسل إلى التوحيد والإسلام، تستهدف إلغاء النظم الجاهلية القائمة، وإزالة الطواغيت البشرية الحاكمة بشرائع لم يأذن بها الله بنفس الدرجة التي كانت تستهدف بها إزالة الأصنام والأوثان.لأنّ هذه كتلك من مقتضى الإقرار بشهادة أن:"لا إله إلا الله"
قال الله تعالى: ]فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ اْلوُثْقَى لاَنْفِصَامَ لَهَا[ [البقرة: 256]
وقال الله تعالى:]وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ[ [الأنفال: 39].
وقال الله تعالى: ]فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ اْلكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ[ [التوبة: 12]
وكان أصحاب السلطان دائماً، أول من يتفطَّن لأهداف الدعوة، وأول من يقف في وجهها، ويرصد لتحركات الرسل والمؤمنين في سبيل إعلاء دين الله على الأديان، بما لهم في المجتمع من القوّة والنفوذ والمال.
قال الله تعالى:]وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ اْلمُجْرِمِينَ[ [الفرقان:31]
وقال الله تعالى: ]وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا[ [الأنعام:123]
وقال الله تعالى: ]وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ. وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ[   [سبأ:34]
ومن استجاب لدعوة الرسل وشهد أن "لا إله إلا الله" فقد رَضِيَ بإزالة الطواغيت البشرية الحاكمة وإلغاء النظم الجاهلية القائمة ومن لم يرضَ بذلك فقد كذب في ادّعائه للتوحيد، لأنَّ الرضي بالكفر كفر.وإن قال بلسانه "لا إله إلا الله".فإن كان هذا حال من قال "لا إله إلا الله" إذا لم يرضَ بإزالة الطواغيت وإلغاء النظم الجاهلية، فكيف يكون حال الطاغوت الذي يحكم بغير ما أنزل الله ؟!.
أليس يكون كاذباً في ادّعائه للتوحيد،وقوله"لا إله إلا الله"؟، وكيف يكون حال المتحاكم إلى الطاغوت الراضِي بشريعة الطاغوت؟ ألا يكون هو الآخر كاذباً في ادّعائه للتوحيد وقوله "لا إله إلا الله" ؟!.

*  *  *  *  *  *
منقول

عربي باي