صفحتي

صفحتي
مدونة ياقوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره
الخميس، 1 ديسمبر 2016

(٧) وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون

معاداة الرسل للمعبودات من دون الله
************************************

ومما يدلُّ على أن النطق بكلمة التوحيد لم يكن الغاية والمراد من وراء الدعوة التي قام بها رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم على توالى الأزمان. وإنما كان تحقيق عبادة الله وحده، والكفر بما يُعبد من دونه في الواقع العملي والحياة المشهودة. مما يدلُّ على ذلك معاداة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم للمعبودات، وسعيهم لإزالة وكسر الأصنام والأوثان عند المقدرة عليها. وقد قصَّ الله قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه وما جرى بينهم في مواضع من القرآن.
فأخبرنا الله تعالى أنَّ إبراهيم عليه السلام قصد إلى الأصنام فكسرها. فأرادوا تحريقه بالنار فأنقذه الله منها. فدلّ ذلك على أن الله كان راضياً عما فعل إبراهيم عليه السلام.
قال الله تعالى: ]فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ. قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ. قَالُوا سَمِعْنَا فَتىً يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ. قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ. قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ. قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ. فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ. ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ  لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤلاء يَنْطِقُونَ. قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ  مِنْ دُونِ اللهِ مَا لاَ يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ. أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ. قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ. قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ. وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ اْلأَخْسَرِينَ[  [الأنبياء: 58-70].
وكذلك حرَّق موسى عليه السلام عجل السامري.
وقال: ]وَانْظُرْ إِلَى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا.إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللهُ الَّذِي لاْ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً[ [طه: 97]
وكان صلّى الله عليه وسلّم مأموراً بإتّباع ملّة إبراهيم. والإقتداء بهدي مَن سبقه من الرسل.
قال الله تعالى: ]أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ[ [الأنعام:90]
وقال الله تعالى: ]ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَاكَانَ مِنَ اْلمُشْرِكِينَ[ [النحل:123]
وكان مأموراً بكسر الأوثان. قال صلّى الله عليه وسلّم  لما سأله عمرو بن عبسة بأي شيء أرسلك؟ قال: {أرسلني بصلة الأرحام وكسر الأوثان وأن يُوحّد الله ولا يشرك به شيء}. [مسلم].
ولذلك لما افتتح مكة أزال ما كان حول الكعبة من الأصنام. وهو يقرأ:
]وَقُلْ جَاءَ اْلحَقُّ وَزَهقَ اْلبَاطِلُ إِنَّ اْلبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا[  [الإسراء:81]
]قُلْ جَاءَ اْلحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ اْلبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ[  [سبأ: 49]
وأرسل رجالاً من أصحابه ليهدموا الأوثان والطواغيت التي كانت خارج مكة. فأرسل خالد بن وليد إلى "العزى"، فهدمها وأزالها. وأرسل سعد بن زيد إلى "مناة" فهدمها. وأرسل عمرو بن العاص إلى "سواع" فهدمه. وهكذا كان رسول صلّى الله عليه وسلّم يزيل الأوثان من كل بقعةٍ غلب عليها. وقد سأله وفد ثقيف أن يَدَعَ لهم اللاّت لا يهدمها ثلاث سنين، فأبى أن يدعها شيئا مسمى
"ومنها أنه لا يجوز إبقاء مواضع الشرك بعد القدرة على إبطالها يوماً واحداً. فإنها شعائر الكفر.وهى أعظم المنكرات. وهذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور التي اتّخذت أوثاناً يُعبد من دون الله، والأحجار التي تُقصد للتعظيم والتبرك والنذر والتقبيل.لا يجوز إبقاء شئ منها على وجه الأرض مع القدرة. وكثير منها بمنْزلة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، أو أعظم شركاً عندها وبها.  وبالله المستعان.
ولم يكن أحدٌ من أرباب هذه الطواغيت يعتقد أنها تخلق وترزق أو تحيى أو تميت وإنما كانوا يفعلون عندها وبها ما يفعله إخوانهم من المشركين عند طواغيتهم اليوم. فاتَّبع هؤلاء سنن من كان قبلهم حذو القذة بالقذة وأخذوا مأخذهم شبراً بشبرٍ، وذراعاً بذراعٍ.
وغلب الشرك على أكثر النفوس لظهور الجهل وخفاء العلم وصار المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، والسنة بدعةً، والبدعة سنةً. ونشأ في ذلك الصغير، وهرم عليه الكبير. وطمست الأعلام، واشتدّت غربة الإسلام وقلَّ العلماء، وغلب السفهاء. وتفاقم الأمر، واشتدّ البأس، وظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي الناس. ولكنه لاتزال طائفة من العصابة المحمّدية بالحقّ قائمين ولأهل الشرك والبدع مجاهدين، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين".إ هـ ذاد المعاد
وكان صلّى الله عليه وسلّم يأمر بطمس الصور وتسوية القبورالمشرفة سداً للذريعة إلى الشرك.
عن أبى الهياج قال: قال لى عليّ رضي الله عنه {ألا أبعثك على ما بعثنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ ألا تدع صورةً إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سوّيته} [مسلم].
عن عائشة رضي الله عنها: {أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يكن يترك شيئاً فيه تصاليب إلاّ نقضه} [البخاري].
وهذا الاهتمام البالغ بإزالة الأوثان والمعبودات من مقتضى التوحيد والإقرار بـ"لا إله إلا الله". ومن استجاب لدعوة الرسل وشهد أن "لا إله إلا الله" فقد رَضِيَ بكسر الأصنام والأوثان التي تُعبد من دون الله.
ومن لم يرضَ بذلك فقد كذب في ادّعائه للتوحيد، لأنَّ الرضي بالكفر كفرٌ، وإن قال بلسانه "لا إله إلا الله". فإذا كان هذا حال من يقول "لا إله إلا الله" إذا لم يرضَ بكسر الأصنام والأوثان، فكيف يكون حال العابد لها والناذر لها والذابح لها والمستغيث بها؟ أليس يكون كاذباً في إدّعائه للتوحيد وقوله "لا إله إلا الله"؟!.
وكذلك كانت دعوة الرسل إلى التوحيد والإسلام، تستهدف إلغاء النظم الجاهلية القائمة، وإزالة الطواغيت البشرية الحاكمة بشرائع لم يأذن بها الله بنفس الدرجة التي كانت تستهدف بها إزالة الأصنام والأوثان.لأنّ هذه كتلك من مقتضى الإقرار بشهادة أن:"لا إله إلا الله"
قال الله تعالى: ]فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ اْلوُثْقَى لاَنْفِصَامَ لَهَا[ [البقرة: 256]
وقال الله تعالى:]وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ[ [الأنفال: 39].
وقال الله تعالى: ]فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ اْلكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ[ [التوبة: 12]
وكان أصحاب السلطان دائماً، أول من يتفطَّن لأهداف الدعوة، وأول من يقف في وجهها، ويرصد لتحركات الرسل والمؤمنين في سبيل إعلاء دين الله على الأديان، بما لهم في المجتمع من القوّة والنفوذ والمال.
قال الله تعالى:]وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ اْلمُجْرِمِينَ[ [الفرقان:31]
وقال الله تعالى: ]وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا[ [الأنعام:123]
وقال الله تعالى: ]وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ. وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ[   [سبأ:34]
ومن استجاب لدعوة الرسل وشهد أن "لا إله إلا الله" فقد رَضِيَ بإزالة الطواغيت البشرية الحاكمة وإلغاء النظم الجاهلية القائمة ومن لم يرضَ بذلك فقد كذب في ادّعائه للتوحيد، لأنَّ الرضي بالكفر كفر.وإن قال بلسانه "لا إله إلا الله".فإن كان هذا حال من قال "لا إله إلا الله" إذا لم يرضَ بإزالة الطواغيت وإلغاء النظم الجاهلية، فكيف يكون حال الطاغوت الذي يحكم بغير ما أنزل الله ؟!.
أليس يكون كاذباً في ادّعائه للتوحيد،وقوله"لا إله إلا الله"؟، وكيف يكون حال المتحاكم إلى الطاغوت الراضِي بشريعة الطاغوت؟ ألا يكون هو الآخر كاذباً في ادّعائه للتوحيد وقوله "لا إله إلا الله" ؟!.

*  *  *  *  *  *
منقول

اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي