صفحتي

صفحتي
مدونة ياقوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره
الاثنين، 31 يوليو 2017

قضية الحكم على الناس اليوم وتحقيق عقيدة الولاء و البراء فيهم

كل من فهم الإسلام بمفهومه الصحيح وعرف الطاغوت وأنواعه بما فيها طاغوت الحكم، وعرف أنواع العبادة وأن صرفها لغير الله شرك به، وعرف الحاكمية بتفاصيلها وأن التشريع حق خالص لله لايجوز اعطاءه لغيره عز وجل، وأن الدول التي تزعم أنها مسلمة بما فيها الدولة السعودية ليست على الإسلام،وأن التحاكم لغير شرع الله كفر، وكل من يقول بجوازصرفه للطاغوت سواء لمصلحة أو ضرورة أو حاجة فهو كافر، وأن البراءة من الشرك والمشركين وتكفيرهم من أصل الدين وكان قد باشر واقعنا وعاشه سنين عمره، لمّا يأتيه هذا المفهوم الجديد فما عليه إلاّ أن يطبقه في واقعه وهذه بديهية لا تحتاج إلى كثر عناء

_فكل من باشر واقع الناس اليوم، إذا دُعي للإسلام الذي لم يسمع به لا من والديه ( و دعك مما توارثه عنهما من شعائر تعبدية و أخلاق، فهي ليست الإسلام المتمثل في الكفر بالطاغوت والإيمان باللـه ) ولا من أقربائه و لا من جيرانه و لا من علمائهم و مشايخهم ومن يُشار إليهم بالبنان
يعلم علم يقيني حكم هؤلاء القوم، و لا يعتبر بعدها دعاوي القوم التي كان أيضاَ من قبل يسمعها أنهم مسلمون و يؤدون شعائر تعبدية لله و يقولون "لا إله إلاّ الله"

و هكذا حدث مع الصحابة الكرام في العهد المكي لمّا فهموا الإسلام، فلم يحكموا بالإسلام بعدها لمن أتي بقرائن مشتركة بين المسلمين والمشركين من حج البيت الحرام، أو تلفظ المرء بأنه على ملة ابراهيم عليه السلام

ولذلك ثبت في الحديث ذلك الوقت : " من صلى صلاتنا " الحديث
و لم يذكر الحج لأنه قرينة مشتركة بينهم ولأن الصلاة بالكيفية التي أتى بها الرسول صلى الله عليه وسلم ذات الركوع والسجود المفتتحة بالتكبير والمختتمة بالتسليم لم تكن معهودة عند مشركي قريش فكان كل من صلاها لا يحكم له المسلمون فقط بالإسلام بل حتى أبو جهل يقول عنه إنه صبئ وتبع دين محمد

كذلك لم يكن الصحابة ينظرون  لدعاوي القوم وقولهم أنهم على دين يرضاه الله وحقيقتهم خلاف ذلك كقول أهل الكتاب أنهم أبناء الله و أحباؤه و أنهم شعب الله المختار، و أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتهم، وقولهم كونوا هوداً او نصارى تهتدوا

مع كل هذه الأقوال لم يختلف المسلمون في حكمهم، ولم يقولوا فلنعطهم الإسلام الحكمي لمقولتهم هذه ثم نتبين منهم إن كانوا حقيقة مسلمين
وفي قوم مسيلمة الكذّاب لم يعتبر الصحابة تلفظهم بلا إله إلا الله و لا صلاتهم و لا سماع الآذان منهم الذي كانوا يسمعونه من قبل و في حياة الرسول صلى الله عليه و سلم من قرية فيكفون عنها و يعطوها حكم الإسلام
لأنهم من مباشرتهم للقوم علموا أن ليست هذه ناقضتهم
فلو سمعوا بعدها الواحد منهم يتلفظ بلا إله إلا الله ولو ألف مرة فلن يكفوا عنه ويعصموا دمه ويحكموا له بالإسلام بقولها

_فهل يُقال أن الصحابة كانوا خوارج لأنهم يُكفرون و يقاتلون من يقول لا إله إلا الله !؟!؟

وفي مثل ما فعله الصحابة ذكرت أقوالاً عن التلفظ بلا إله ألا الله أنه يعتبر في أقوام دون آخرين ويختلف الحكم به من واقع لآخر

كما قيل " الكافر إذا كان وثنيا أو ثنويا لا يقرّ بالوحدانية فإذا قال : " لا إله إلا الله " حكم بإسلامه ثم يجبر على قبول جميع أحكام الإسلام ويبرأ من كل دين خالف دين الإسلام

وأما من كان مقرا بالوحدانية منكرا للنبوة فإنه لا يحكم بإسلامه حتى يقول : " محمد رسول الله " وإن كان يعتقد أن الرسالة المحمدية إلى العرب خاصة ، فلابد أن يقول : " إلى جميع الخلق " فإن كان كفره بجحود واجب أو استباحة محرم فيحتاج أن يرجع عما اعتقده "
.
و كذلك في قوله : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " معلوم أن المراد بهذا أهل عبادة الأوثان دون أهل الكتاب لأنهم يقولون " لا إله إلا الله " ثم يقاتلون ولا يرفع عنهم السيف "

و قيل " اختصاص عصمة المال والنفس بمن قال " لا إله إلا الله " تعبيراَ عن الإجابة إلى الإيمان وأن المراد بذلك مشركو العرب وأهل الأوثان ، فأما غيرهم ممن يقر بالتوحيد فلا يكتفي في عصمه بقول " لا إله إلا الله " إذا كان يقولها في كفره .

و واقعنا اليوم أشبه بالواقع المكي بل أشر، فالناس اليوم يقولون لا إله إلا اللـه في كفرهم { لا تعبيراً عن الإجابة للإيمان بالكفر بالطاغوت و الإيمان بألوهية الله سبحانه بل يقولونها تعبيراً عن : لا خالق و لا رازق إلا الله { و هم في جاهلية أشر من تلك التي كانت يوم جاء الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الدين .

و كفر المنتسبين للإسلام اليوم ككفر اليهود والنصارى ولا فرق
فكما لا يُشك في كفر اليهود والنصارى أفراداً ومجتمعات ، فكذلك المشركين المنتسبين للإسلام اليوم .

فإن قيل : إن النصارى كفرهم قطعي ومذكور في القرآن في آيات تذكر كفر الذين قالوا إن اللـه ثالث ثلاثة و أن المسيح ابن اللـه و أنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباَ من دون اللـه

نقول : وكذلك مشركي زماننا أيضاً كفرهم قطعي ومذكور في آيات عديدة من القرآن من اتخاذهم مشرعين من دون اللـه، و تحاكمهم إلى شرائعهم، وعبادتهم الأولياء والقبور وجهلهم بأصل الدين

فما الفرق بين إعتقاد أن عيسى ابن اللـه وبين قول الولي الفلاني ابن اللـه أو شفيع عند اللـه و الله سبحانه يقول:{أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ}

فإن قيل : إن أقوامنا يصلون و يحجون و يزكون و يفعلون الكثير من القربات لله

نقول: مشركي قريش الذين بُعث فيهم النبي صلى الله عليه و سلم كان لهم أعمال مثل هذه فكانوا يسقون حجاج بيت الله ويكسون بيت الله الحرام ويعمرونه ويحجون و يتصدقون و لهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون
فلمّا إفتخروا بذلك على المسلمين أنزل الله فيهم :{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِر} الآية

وكذلك نقول لمن كانت لهم أعمال يفتخرون بأنهم يقدمونها لله : أجعلتم أعمالكم هذه مع إيمانكم بالطاغوت و عدم توحيدكم لله ، كمن آمن بالله وكفر بالطاغوت وتبرأ منه ومن عابديه !!؟ {لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ }

و إن قيل: إن هؤلاء يقولون لا إله إلا اللـه ويزعمون أنهم مسلمون

نقول: واليهود والنصارى لهم دعاوي مثلها أيضاً فهم يقولون أنهم شعب اللـه المختار، و أنهم أهدى طريقاً و يقولون إنهم مسلمون وينتسبون إلى دين إبراهيم عليه السلام

فالذين يحكمون بالشعائر يقتضي قولهم أن يعتبروا تلفظ أهل الكتاب بأنهم على ملة إبراهيم و أنهم شعب اللـه المختار و أنه لن يدخل الجنة إلا من كان مثلهم فيحكمون لهم بالإسلام لمقولاتهم هذه حتى يتبين خلاف ذلك.

وكذلك يقتضي أن يحكموا على الواحد من نصارى اليوم بالإسلام حين دخوله على أحد المنتسبين للإسلام و إلقاء تحية الإسلام عليه لأن اللـه عز و جل وبّخ من لم يحكم لمن ألقى تحية الإسلام بالإسلام و أمر بإعطائه حكم الإسلام ويتثبت في ذلك فقال {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً}

و هذا ما لا يقولونه و يأنفون منه ويعتبرونه معاندة للواقع الذي هو بخلاف ذلك، فإنهم يقولون أن هؤلاء النصارى الذين يلقون تحية الإسلام إنما يقولونها تحية لهم فقط ، وليس تعبيراً عن الإجابة للإيمان بالبراءة من النصرانية و الإقرار بدين الإسلام

و لأن الشهادة على أفرادهم بالإسلام لمجرد هذه الدعاوي( أنهم شعب اللـه المختار و أنه لن يدخل الجنة إلا من كان مثلهم) مناقضة لعقيدة البراءة من النصارى و دينهم الباطل إذ سوف يُعطى حكم بالإسلام لكل فرد منهم

فنقول :
و كذلك الحكم على جاهلية اليوم بالإسلام بمجرد تلفظهم بلا إله إلا اللـه التي يقولونها في كفرهم و ليس تعبيراً عن الإجابة للإيمان الحقيقي يقتضي الحكم على كل فرد معيّن منهم بالإسلام .. ومن ثم فلا تطبيق لعقيدة البراءة من المشركين في الواقع العملي

والخطأ الذي عند أمثال هؤلاء - أي أصحاب الإسلام الحكمي أو الذين يحكمون بالشعائر اليوم - والنقطة التي تغافلوها هي خطوات تقديم الإسلام اليوم في عرضه وربطه بالواقع والتي لابد منها

أما المجئ بنتيجة أخيرة وفرض أن شخصاً ما مسلماً في واقعنا جاهل حال القوم فهذا يُعد من قبيل السفسطة الإسلام اليوم في عرضه وربطه بالواقع والتي لابد منها وعرض الإسلام وربطه بالواقع ليس بدعاً من القول فهي طريقة القرآن الكريم، وهي كذلك من المُسلَّمات البديهية ..

إذ لمّا يُعرض الإسلام اليوم - الذي يغيب عن الناس منذ عقود طويلة من الزمن - فيُقال إن الكفر بالطاغوت هو أول واجب على المُكلَّف تحقيقه لأنه لا إسلام لمن لم يأت به، ويُذكر الآيات والأدلة الدالة على ذلك .

يكون السؤال البديهي بعد هذا ماهو أو أين هو الطاغوت اليوم لنكفر به، و ما موقف الناس اليوم من دين الطاغوت

وإلاّ سوف يكون إسلاماً نظرياً لا تجسيد له في الواقع ؟؟؟!!!!

فعند مُدارسة الإسلام والتكلم في مسائله، كمسألة الحاكمية وشرح آياتها وأن الحاكم المبدّل لشرع الله العادل عنه لغيره كافر، يتبعه سؤال بديهي

أين تصنيف حكام اليوم ودول اليوم ؟

و أين تصنيف الناس اليوم من هذا المفهوم ؟

ولو إستمعنا اليوم لسفسطة جهالة الحال ووسعنا دائرتها لقلنا أن من لم يُكفر اليهود والنصارى اليوم ففيه تفصيل أيضاً أو نقول أن هذا كفر لكن المُعيَّن لا يكفر، لأنه قد يكون نشأ اليوم من المنتسبين إلى الإسلام من لم يعرف دين اليهود والنصارى !!!

أو نتصور في خيالنا أن شخصا ما قد حقق الإسلام (الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ) وأتى بالتوحيد على كماله و والى أولياء الله وعادى أعداءه وتبرأ منهم .. ثم هذا الشخص إن لم يُكفر اليهود والنصارى، يجب علينا ألاّ نتسرع في تكفيره لأنه قد يكون جاهل بحال اليهود والنصارى وما يدينون به أو يظنهم على نفس دينه وتوحيده !!؟

فكيف نتسرّع ونلغي ما أتى به من توحيد لمجرد أن جهل حال قوم !!!

ثم تُعمم حالة هذا الشخص على كل فرد، فيُقال أن من لم يكفر اليهود والنصارى اليوم ففيه تفصيل ولا يُكفر، لأنه قد يكون جاهلاً بحالهم وما يدينون به !!!

و مشكلة كثير ممن يتكلم اليوم في الدين و تدرج في فهم بعض مسائله أنه لم تستبين له الطريق تماماً، لتقديم الدين له مُجزأً، وفي هالة كبيرة من الشبهات، فلم تُقدم له صورته الناصعة الجلية، فتراه يُجادل في مثل هذه المسائل و يُدخل سفسطات، و ذلك لعدم إستبانة سبيل المجرمين من سبيل المؤمنين لديه ولو اتضحت له الصورة كما اتضحت للصحابة الكرام، فلم يعتبروا الشعائر المشتركة بين المسلمين والمشركين، ولم يعتبروا الدعاوي في الدين
ما لم تقم عليها بينات كدعاوي أهل الكتاب لو اتضحت لهؤلاء لما أدخلوا سفسطات  وتطرقوا لإحتمالات خيالية شاذة و لأجروا أحكام الولاء والبراء كما أجراها الصحابة بداهةً من منطلق فهمهم للإسلام، ومن مباشرتهم للواقع .

و الله المستعان و الله أعلم و أحكم ...

منقول

اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي