صفحتي

صفحتي
مدونة ياقوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره
السبت، 26 نوفمبر 2016

(٣) وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون

أصناف المشركين
******************

إن من الناس من يعبد من دون الله آلهة أخرى يعتقد أنها تملك النفع والضر ويطيع أرباباً متفرقين يشرعون له، ولا  يعترف بـ"لا إله إلا الله" كحال المشركين الوثنيين.
ومنهم من يعتقد كاعتقادهم  ويشرك بالله  كشركهم  ولكنه يقول "لا إله إلا الله" كحال الكفار من أهل الكتاب.
ومنهم من يعتقد كهذا الاعتقاد ويشرك بالله كهذا الشرك ولكنه يقول "لا إله إلا الله محمد رسول الله"كحال كثير من المنتسبين إلي الملّة الإسلامية، فلا يصحّ تفريق هذه الأصناف الثلاثة عقلاً ونقلاً في الحكم بأنهم مشركون لا مسلمون. لأن حقيقة ضلالهم واحدة، والنصوص القرآنية في هذا الباب صريحة مطلقة،  كقوله تعالى: ]وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً[ [النساء:48]
]وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً[       [النساء:116]
]وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ[ [الحج:31]
]إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ[ [المائدة:72]
وقد وصف الله اليهود والنصارى بالشرك والخروج من دينه القويم. ولم يكن لادّعائهم بأنهم أتباع موسى وعيسى وزنٌ عند الله،لأنهم كانوا كاذبين في هذا الإدّعاء. فهم قد فارقوا الرسل، لما فارقوا التوحيد الذي جاءت به الرسل جميعاً. وإن ظنُّوا أنهم لا يزالون على شيء من الدِّين.
قال الله تعالى: ]إتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ[ [التوبة:31]
وقال الله تعالى: ]قُلْ يَا أَهْلَ اْلكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَاْلإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ ربِّكُمْ[ [المائدة:68]
فأولى الناس برسل الله هم المؤمنون الموحِّدون.ولهذا لما ادّعى كلٌّ من اليهود والنصارى والمشركين أنهم أولى الناس بإبراهيم، أنزل  الله تعالى: ]مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَاْ كَانَ مِنَ اْلمُشْرِكِينَ .إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ والَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ اْلمُؤْمِنِينَ[ [آل عمران: 67-68].
وقال صلّى الله عليه وسلّم لليهود الذين يدَّعون أنهم أتباع موسى وأولى الناس به {نحن أحقّ بموسى منكم} وقال أيضاً: {أنا أولى الناس بابن مريم لأنه ليس بيني وبينه نبيّ}.  [البخاري].
وعدم تفريق الله بين الوثنيين وأهل الكتاب ووصفه جميعاً بالشرك مع أن أهل الكتاب يقولون "لا إله إلا الله" دلّ على أن من يشرك بالله من هؤلاءالمنتسبين الذين يدعون الإسلام يكن مشركاً مثلهم. لأن من إدّعى محمّداً صلّى الله عليه وسلّم كاذباً كمن ادّعى موسى أو عيسى كاذباً. ولا ينفع الإدّعاء الكاذب أحداً منهما في الدُّنيا والآخرة بعد الوقوع في الضلال المبين.
والذين يظنُّون أنهم أتباع محمد صلّى الله عليه وسلّم وهم موافقون للكفار في الشرك والضلال واهمون مخدوعون، وليسوا من محمد صلّى الله عليه وسلّم في شيء. بل هم من أعدائه الذين أمر بالبراءة منهم.
قال الله تعالى: ]إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيءٍ[  [الأنعام:159].
وقال الله تعالى: ]قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ[  [الأنعام:19].
وليس من خصائصه صلّى الله عليه وسلّم -دون الرسل- أن من أقرَّ بنبوته يكن من أتباعه الناجين  وإن إرتكب الظلم العظيم، فعبد مع الله غيره. واتّبع كتباً ما أنزل الله بها من سلطان. ولو كان هذا حقاً، وكان ذلك من خصائصه لنفع الذين أقرُّوا بنبوته من غير أن يتبرّؤا مما كانوا عليه من الكفر، كأبي طالب وهرقل وأمثالهم. بل إن اشد أعداء الإسلام كأبي جهل وأمثاله كانوا يعلمون صدقه.
قال الله تعالى: ]فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُوْنَ[  [الأنعام:33].
*  *  *  *  *  *  *
منقول

(٢) وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون

فهم المشركين لمعنى لا إله إلا الله
*  *  *  *  *  *  *  *  *  *  *  *  *  *

إن الله تعالى قد أخبر في كتابه أن المشركين الذين وُوجهوا بدعوة أن "لا إله إلا الله" كانوا يفهمون المراد منها وأنه ترك الآلهة وعبادة إله واحد.
ولذا أنكروا هذه الدعوة وعدُّوها خروجاً عن دين الآباء والأجداد. ولم يكن أحدهم يَجرؤ على قولها إلا إذا أراد الاستسلام والدخول في الدِّين الجديد.
وإليك الآيات الدالة على فهمهم التام للمقصود من الدعوة وأنه ترك الآلهة المعبودة وعبادة الله وحده بلا شريك.
لما دعا نوح عليه السلام قومه إلى أن"لا إله إلا الله" وقال لهم: ]أُعْبُدُوْا اللهَ مَاْلَكُمْ مِنْ إِلِهٍ غَيْرُهُ[ [الأعراف:59]
كان جوابهم: ]لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَسُوَاعاً وَلاَيَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً[ [نوح: 23]
ولما دعا هود عليه السلام قومه إلى أن "لا إله إلا الله"وقال لهم: ]أُعْبُدُوا اللهَ مَالَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ[    [هود:51]
كان جوابهم: ]يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَاْرِكِيْ آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ[    [هود: 53] 
]أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ أَباَؤُنَا   [[الأعراف:70]
ولما دعا صالح عليه السلام قومه إلى أن "لا إله إلا الله" وقال لهم:]أُعْبُدُوا اللّهَ مَالَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ[  [هود:61]
كان جوابهم: ]يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِيْنَا مَرْجُوًّا  قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا  أَنْ نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا[ [هود: 62]
ولما دعا شعيب عليه السلام قومه إلى أن "لا إله إلا الله" وقال لهم:]أُعْبُدُوا اللّهَ مَالَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ[ [هو: 84]
كان جوابهم: ]أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ[ [هود: 87]
ولما دعا إبراهيم عليه السلام قومه إلى أن "لا إله إلا الله"  وقال لهم: ]إِنَّنِي بَرَاْءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ. إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ[   [الزخرف:26-27]
قال له أبوه:]أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَاإِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا[ [مريم: 46]
وقال قومه: ]حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا أَلِهَتِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ[ [الأنبياء:67]
ولما دعا محمد صلّى الله عليه وسلّم قومه إلى أن "لا إله إلا الله"وقال لهم:]إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيْءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ[  [الأنعام: 19]
]فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ[ [هود:14].
كان جوابهم:]أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ[ [ص: 5]

وقد قال الله تعالى عن المشركين عامة وعن جريمتهم التي سيدخلون النار بسببها:
]فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي اْلعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ.إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِاْلمُجْرِمِينَ. إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ. وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارَكُوا أَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ[ [الصافات: 33-36].
وكذلك أخبر الله أن المشركين كانوا يعترفون بشركهم ويقرّون بأنّ لهم شركاء وآلهة ويظنون أن الله لا يبغض هذا الشرك الموروث عن الأسلاف، وكانوا يحتجّون على ذلك بمشيئة الله القدرية.
قال الله تعالى: ]سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ اَّلذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ[     [الأنعام:148]
وقال الله تعالى: ]وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُوْنِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلاَ آباَؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ[  [النحل:35].
وقال الله تعالى:]وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِاْلفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى الله مَا لاْ تَعْلَمُونَ[ [الأعراف:28]
وكانت تلبية قبائل نزار قبل مبعث النبي صلّى الله عليه وسلّم لبيك اللّهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك.
ولما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لعمه أبي طالب وهو في مرض الموت:{قل: "لا إله إلا الله" كلمة أشهد لك بها عند الله} قال له أبو جهل وصاحبه: أترغب عن ملّة عبد المطلب، فأبى أبو طالب أن يقول "لا إله إلا الله" ومات على ملَّة عبد المطلب.
فهذا يدلّ دلالة واضحةً على أنّهم كانوا على علمٍ بأن قول "لا إله إلا الله" يستلزم مفارقة ملّة عبد المطلب والأسلاف، ولذلك نفروا من قولها وقالوا كما حكى الله عنهم: ]أَجَعَلَ اْلآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً  إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ.وَانْطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادٌ[ [ص:5-6].
ولما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لحصين بن المنذر: {كم إلهاً تعبد؟ قال سبعة، ستة في الأرض وواحداً في السماء. قال فمن تعدّ لرغبتك ورهبتك؟ قال الذي في السماء}.  [الترمذي/والحاكم].
وإذا قال أحدٌ من هؤلاء المشركين الذين يعرفون معنى الكلمة وما تقتضيه: "لا إله إلا الله" كان من المعروف جيداً أنه يريد الإسلام، وأنه قد ترك الآلهة المعبودة الباطلة ، بعد أن علم بأنها لا تنفع شيئاً ولا تضرّ ولا تستحقّ العبادة.
ولذلك أصبح من شريعة الإسلام وجوب الكفّ عن هذا الصنف من المشركين ولو في حالة الحرب إذا قالوا "لا إله إلا الله" بخلاف غيرهم الذين يقولونها في كفرهم وشركهم.
*  *  *  *  *
منقول

عربي باي