صفحتي

صفحتي
مدونة ياقوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره
الاثنين، 31 يوليو 2017

عبر من قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه

حدثنا عبد اللَهُ حدثني أبي ثنا يَعْقُوبُ ثنا أبي عَنِ بن إِسْحَاقَ حدثني عَاصِمُ بن عُمَرَ بن قَتَادَةَ الأنصاري عن مَحْمُودِ بن لَبِيدٍ عن عبد اللَهِ بن عَبَّاسٍ قال حدثني سَلْمَانُ الفارسي حَدِيثَهُ من فيه قال كنت رَجُلاً فَارِسِيًّا من أَهْلِ أَصْبَهَانَ من أَهْلِ قَرْيَةٍ منها يُقَالُ لها جَىٌّ وكان أبي دِهْقَانَ قَرْيَتِهِ وَكُنْتُ أَحَبَّ خَلْقِ اللَّهِ إليه فلم يَزَلْ بِهِ حُبُّهُ إياي حتى حبسني في بَيْتِهِ أي مُلاَزِمَ النَّارِ كما تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ وَأَجْهَدْتُ في الْمَجُوسِيَّةِ حتى كنت قَطَنَ النَّارِ الذي يُوقِدُهَا لاَ يَتْرُكُهَا تَخْبُو سَاعَةً قال وَكَانَتْ أبي ضَيْعَةٌ عَظِيمَةٌ قال فَشُغِلَ في بُنْيَانٍ له يَوْماً فقال لي يا بني إني قد شُغِلْتُ في بُنْيَانٍ هذا الْيَوْمَ عن ضيعتي فَاذْهَبْ فَاطَّلِعْهَا وأمرني فيها بِبَعْضِ ما يُرِيدُ فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ضَيْعَتَهُ فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةٍ من كَنَائِسِ النَّصَارَى فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فيها وَهُمْ يُصَلُّونَ وَكُنْتُ لاَ أَدْرِى ما أَمْرُ الناس لِحَبْسِ أبي إياي في بَيْتِهِ فلما مَرَرْتُ بِهِمْ وَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ دَخَلْتُ عليهم انظر ما يَصْنَعُونَ قال فلما رَأَيْتُهُمْ أعجبني صَلاَتُهُمْ وَرَغِبْتُ في أَمْرِهِمْ وَقُلْتُ هذا والله خَيْرٌ مِنَ الدِّينِ الذي نَحْنُ عليه فَوَاللَّهِ ما تَرَكْتُهُمْ حتى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَتَرَكْتُ ضَيْعَةَ أبي ولم آتِهَا فقلت لهم أَيْنَ أَصْلُ هذا الدِّينِ قالوا بِالشَّامِ قال ثُمَّ رَجَعْتُ إلى أبي وقد بَعَثَ في طلبي وَشَغَلْتُهُ عن عَمَلِهِ كُلِّهِ قال فلما جِئْتُهُ قال أي بني أَيْنَ كُنْتَ أَلَمْ أَكُنْ عَهِدْتُ إِلَيْكَ ما عَهِدْتُ قال قلت يا أَبَتِ مَرَرْتُ بِنَاسٍ يُصَلُّونَ في كَنِيسَةٍ لهم فأعجبني ما رأيت من دِينِهِمْ فَوَاللَّهِ ما زِلْتُ عِنْدَهُمْ حتى غَرَبَتِ الشَّمْسُ قال أي بني ليس في ذلك الدِّينِ خَيْرٌ دَيْنُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ منه قال قلت كَلاَّ والله انه خَيْرٌ من دِينِنَا قال فخافني فَجَعَلَ في رجلي قَيْداً ثُمَّ حبسني في بَيْتِهِ قال وَبَعَثْتُ إلى النَّصَارَى فقلت لهم إذا قَدِمَ عَلَيْكُمْ رَكْبٌ مِنَ الشَّامِ تُجَّارٌ مِنَ النَّصَارَى فأخبروني بِهِمْ قال فقَدِمَ عليهم رَكْبٌ مِنَ الشَّامِ تُجَّارٌ مِنَ النَّصَارَى قال فأخبروني بِهِمْ قال فقلت لهم إذا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَأَرَادُوا الرَّجْعَةَ إلى بِلاَدِهِمْ فآذنوني بِهِمْ قال فلما أَرَادُوا الرَّجْعَةَ إلى بِلاَدِهِمْ أخبروني بِهِمْ فَأَلْقَيْتُ الْحَدِيدَ من رجلي ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُمْ حتى قَدِمْتُ الشَّامَ فلما قَدِمْتُهَا قلت من أَفْضَلُ أَهْلِ هذا الدِّينِ قالوا الأُسْقُفُّ في الَكَنِيسَةِ قال فَجِئْتُهُ فقلت إني قد رَغِبْتُ في هذا الدِّينِ وَأَحْبَبْتُ أن أَكُونَ مَعَكَ أَخْدُمُكَ في كَنِيسَتِكَ وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ وَأُصَلِّى مَعَكَ قال فَادْخُلْ فَدَخَلْتُ معه قال فَكَانَ رَجُلَ سَوْءٍ يَأْمُرْهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فيها فإذا جَمَعُوا إليه منها أَشْيَاءَ اكْتَنَزَهُ لِنَفْسِهِ ولم يُعْطِهِ الْمَسَاكِينَ حتى جَمَعَ سَبْعَ قِلاَلٍ من ذَهَبٍ وَوَرِقٍ قال وَأَبْغَضْتُهُ بُغْضاً شَدِيدًا لِمَا رَأَيْتُهُ يَصْنَعُ ثُمَّ مَاتَ فَاجْتَمَعَتْ إليه النَّصَارَى لِيَدْفِنُوهُ فقلت لهم أن هذا كان رَجُلَ سَوْءٍ يَأْمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُكُمْ فيها فإذا جِئْتُمُوهُ بها اكْتَنَزَهَا لِنَفْسِهِ ولم يُعْطِ الْمَسَاكِينَ منها شَيْئاً قالوا وما عِلْمُكَ بِذَلِكَ قال قلت أنا أَدُلُّكُمْ على كَنْزِهِ قالوا فَدُلَّنَا عليه قال فاريتهم مَوْضِعَهُ قال فَاسْتَخْرَجُوا منه سَبْعَ قِلاَلٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَباً وَوَرِقاً قال فلما رَأَوْهَا قالوا والله لاَ نَدْفِنُهُ أَبَداً فَصَلَبُوهُ ثُمَّ رَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ ثُمَّ جاؤوا بِرَجُلٍ آخَرَ فَجَعَلُوهُ بِمَكَانِهِ قال يقول سَلْمَانُ فما رأيت رَجُلاً لاَ يصلي الْخَمْسَ أَرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ منه أَزْهَدُ في الدُّنْيَا وَلاَ أَرْغَبُ في الآخِرَةِ وَلاَ آداب لَيْلاً وَنَهَاراً منه قال فَأَحْبَبْتُهُ حُبًّا لم أُحِبَّهُ من قَبْلَهُ وَأَقَمْتُ معه زَمَاناً ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فقلت له يا فُلاَنُ إني كنت مَعَكَ وَأَحْبَبْتُكَ حُبًّا لم أُحِبَّهُ من قَبْلَكَ وقد حَضَرَكَ ما تَرَى من أَمْرِ اللَّهِ فَإِلَى من تُوصِى بي وما تأمرني قال أي بني والله ما أَعْلَمُ أَحَداً الْيَوْمَ على ما كنت عليه لقد هَلَكَ الناس وَبَدَّلُوا وَتَرَكُوا أَكْثَرَ ما كَانُوا عليه إلا رَجُلاً بِالْمُوصِلِ وهو فُلاَنٌ فَهُوَ على ما كنت عليه فَالْحَقْ بِهِ قال فلما مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ الْمُوصِلِ فقلت له يا فُلاَنُ إن فُلاَناً أوصاني عِنْدَ مَوْتِهِ إن الحق بِكَ وأخبرني انك على أَمْرِهِ قال فقال لي أَقِمْ عندي فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ فَوَجَدْتُهُ خَيْرَ رَجُلٍ على أَمْرِ صَاحِبِهِ فلم يَلْبَثْ أن مَاتَ فلما حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قلت له يا فُلاَنُ إن فُلاَناً أَوْصَى بي إِلَيْكَ وأمرني بِاللُّحُوقِ بِكَ وقد حَضَرَكَ مِنَ اللَّهِ عز وجل ما تَرَى فَإِلَى من تُوصِى بي وما تأمرني قال أي بني والله ما أَعْلَمُ رَجُلاً على مِثْلِ ما كنا عليه إلا رَجُلاً بِنَصِيبِينَ وهو فُلاَنٌ فَالْحَقْ بِهِ قال فلما مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ نَصِيبِينَ فَجِئْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ بخبري وما أمرني بِهِ صاحبي قال فَأَقِمْ عندي فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ فَوَجَدْتُهُ على أَمْرِ صَاحِبَيْهِ فَأَقَمْتُ مع خَيْرِ رَجُلٍ فَوَاللَّهِ ما لَبِثَ أن نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ فلما حَضَرَ قلت له يا فُلاَنُ إن فُلاَناً كان أَوْصَى بي إلى فُلاَنٍ ثُمَّ أَوْصَى بي فُلاَنٌ إِلَيْكَ فَإِلَى من تُوصِى بي وما تأمرني قال أي بني والله ما نَعْلَمُ أَحَداً بَقِىَ على أَمْرِنَا آمُرُكَ أن تَأْتِيَهُ إلا رَجُلاً بِعَمُّورِيَّةَ فإنه بِمِثْلِ ما نَحْنُ عليه فان أَحْبَبْتَ فَأْتِهِ قال فإنه على أَمْرِنَا قال فلما مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ عَمُّورِيَّةَ وَأَخْبَرْتُهُ خبر فقال أَقِمْ عندي فَأَقَمْتُ مع رَجُلٍ على هَدْىِ أَصْحَابِهِ وَأَمْرِهِمْ قال وَاكْتَسَبْتُ حتى كان لي بَقَرَاتٌ وَغُنَيْمَةٌ قال ثُمَّ نَزَلَ بِهِ أَمْرُ اللَّهِ فلما حَضَرَ قلت له يا فُلاَنُ إني كنت مع فُلاَنٍ فَأَوْصَى بي فُلاَنٌ إلى فُلاَنٍ وَأَوْصَى بي فُلاَنٌ إلى فُلاَنٍ ثُمَّ أَوْصَى بي فُلاَنٌ إِلَيْكَ فَإِلَى من تُوصِى بي وما تأمرني قال أي بني والله ما أَعْلَمُهُ أَصْبَحَ على ما كنا عليه أَحَدٌ مِنَ الناس آمُرُكَ أن تَأْتِيَهُ وَلَكِنَّهُ قد أَظَلَّكَ زَمَانُ نبي هو مَبْعُوثٌ بِدِينِ إبراهيم يَخْرُجُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ مُهَاجِراً إلى أَرْضٍ بين حَرَّتَيْنِ بَيْنَهُمَا نَخْلٌ بِهِ عَلاَمَاتٌ لاَ تَخْفَى يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلاَ يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ بين كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ فإن اسْتَطَعْتَ أن تَلْحَقَ بِتِلْكَ الْبِلاَدِ فَافْعَلْ قال ثُمَّ مَاتَ وَغَيَّبَ فَمَكَثْتُ بِعَمُّورِيَّةَ ما شَاءَ الله أن أَمْكُثَ ثُمَّ مَرَّ بي نَفَرٌ من كَلْبٍ تُجَّاراً فقلت لهم تحملوني إلى أَرْضِ الْعَرَبِ وَأُعْطِيكُمْ بقراتي هذه وغنيمتي هذه قالوا نعم فأعطيتموها وحملوني حتى إذا قَدِمُوا بي وادي الْقُرَى ظلموني فباعوني من رَجُلٍ من يَهُودَ عَبْداً فَكُنْتُ عِنْدَهُ وَرَأَيْتُ النَّخْلَ وَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ الْبَلَدَ الذي وَصَفَ لي صاحبي ولم يَحِقْ لي في نفسي فَبَيْنَمَا أنا عِنْدَهُ قَدِمَ عليه بن َعمٍّ له مِنَ الْمَدِينَةِ من بني قُرَيْظَةَ فابتاعني منه فاحتملني إلى الْمَدِينَةِ فَوَاللَّهِ ما هو إلا أن رَأَيْتُهَا فَعَرَفْتُهَا بِصِفَةِ صاحبي فَأَقَمْتُ بها وَبَعَثَ الله رَسُولَهُ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ما أَقَامَ لاَ أَسْمَعُ له بِذِكْرٍ مع ما أنا فيه من شُغْلِ الرِّقِّ ثُمَّ هَاجَرَ إلى الْمَدِينَةِ فَوَاللَّهِ انى لفي رَأْسِ عِذْقٍ لسيدي أَعْمَلُ فيه بَعْضَ الْعَمَلِ وسيدي جَالِسٌ إِذْ أَقْبَلَ بن عَمٍّ له حتى وَقَفَ عليه فقال فُلاَنٌ قَاتَلَ الله بني قَيْلَةَ والله إنهم الآنَ لَمُجْتَمِعُونَ بِقُبَاءَ على رَجُلٍ قَدِمَ عليهم من مَكَّةَ الْيَوْمَ يَزْعُمُونَ انه نبي قال فلما سَمِعْتُهَا أخذتني الْعُرَوَاءُ حتى ظَنَنْتُ سَأَسْقُطُ على سيدي قال وَنَزَلْتُ عَنِ النَّخْلَةِ فَجَعَلْتُ أَقُولُ لاِبْنِ عَمِّهِ ذلك مَاذَا تَقُولُ مَاذَا تَقُولُ قال فَغَضِبَ سيدي فلكمني لَكْمَةً شَدِيدَةً ثُمَّ قال مالك وَلِهَذَا أَقْبِلْ على عَمَلِكَ قال قلت لاَ شيء إنما أَرَدْتُ أَنْ اسْتَثْبِتَ عَمَّا قال وقد كان عندي شيء قد جَمَعْتُهُ فلما أَمْسَيْتُ أَخَذْتُهُ ثُمَّ ذَهَبْتُ بِهِ إلى رسول اللَهِ صلى الله عليه وسلم  وهو بِقُبَاءَ فَدَخَلْتُ عليه فقلت له انه قد بلغني انك رَجُلٌ صَالِحٌ وَمَعَكَ أَصْحَابٌ لك غُرَبَاءُ ذو وحاجة وَهَذَا شيء كان عندي لِلصَّدَقَةِ فَرَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ بِهِ من غَيْرِكُمْ قال فَقَرَّبْتُهُ إليه فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  لأَصْحَابِهِ كُلُوا وامسك يَدَهُ فلم يَأْكُلْ قال فقلت في نفسي هذه وَاحِدَةٌ ثُمَّ انْصَرَفْتُ عنه فَجَمَعْتُ شَيْئاً وَتَحَوَّلَ رسول اللَهِ صلى الله عليه وسلم  إلى الْمَدِينَةِ ثُمَّ جِئْتُ بِهِ فقلت إني رَأَيْتُكَ لاَ تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أَكْرَمْتُكَ بها قال فَأَكَلَ رسول اللَهِ صلى الله عليه وسلم  منها وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا معه قال فقلت في نفسي هَاتَانِ اثْنَتَانِ ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَهِ صلى الله عليه وسلم  وهو بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ قال وقد تَبِعَ جِنَازَةً من أَصْحَابِهِ عليه شَمْلَتَانِ له وهو جَالِسٌ في أَصْحَابِهِ فَسَلَّمْتُ عليه ثُمَّ اسْتَدَرْتُ أَنْظُرُ إلى ظَهْرِهِ هل أَرَى الْخَاتَمَ الذي وَصَفَ لي صاحبي فلما رآني رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  اسْتَدَرْتُهُ عَرَفَ أني استثبت في شيء ووصف لي قال فَأَلْقَى رداء عن ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إلى الْخَاتَمِ فَعَرَفْتُهُ فَانْكَبَبْتُ عليه اقبله وَأَبْكِى فقال لي رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  تَحَوَّلْ فَتَحَوَّلْتُ فَقَصَصْتُ عليه حديثي كما حَدَّثْتُكَ يا بن عَبَّاسٍ قال فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللَهِ صلى الله عليه وسلم  أن يَسْمَعَ ذلك أَصْحَابُهُ......
وفيها من العبر شيء كثير، أعظمها حرص سلمان رضي الله عنه على معرفة الدين الحق وتعلمه والعمل به حتى صار من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ان صح الاثر ) بعد أن كان يعبد النار، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
والشاهد من هذه القصة هو:
قول أسقف النصارى بالشام لسلمان عندما حضرته الوفاة: قال أي بني، والله ما أَعْلَمُ أَحَداً الْيَوْمَ على ما كنت عليه لقد هَلَكَ الناس وَبَدَّلُوا وَتَرَكُوا أَكْثَرَ ما كَانُوا عليه إلا رَجُلاً بِالْمُوصِلِ وهو فُلاَنٌ فَهُوَ على ما كنت عليه فَالْحَقْ بِهِ.
وكذلك قول صاحب الموصل: والله ما أَعْلَمُ رَجُلاً على مِثْلِ ما كنا عليه إلا رَجُلاً بِنَصِيبِينَ وهو فُلاَنٌ فَالْحَقْ بِهِ.
وقول الرجل الذي بنصيبين: والله ما نَعْلَمُ أَحَداً بَقِىَ على أَمْرِنَا آمُرُكَ أن تَأْتِيَهُ إلا رَجُلاً بِعَمُّورِيَّةَ فإنه بِمِثْلِ ما نَحْنُ عليه فإن أَحْبَبْتَ فَأْتِهِ.
وقول صاحب عمورية: والله ما أَعْلَمُهُ أَصْبَحَ على ما كنا عليه أَحَدٌ مِنَ الناس آمُرُكَ أن تَأْتِيَهُ وَلَكِنَّهُ قد أَظَلَّكَ زَمَانُ نبي هو مَبْعُوثٌ بِدِينِ إبراهيم يَخْرُجُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ.

فتأمل ما قاله الأساقفة وانظر إلى غُربة من تمسك بالدين الحق عند خروج الناس عنه، وتأمل جيدا في معرفتهم لحقيقة ما عليه الناس في ذلك الوقت، مع أن القوم كانوا يدّعون النصرانية.
ولولا معرفة الأساقفة لبعضهم وما يدينون به لما استطاع أحدهم أن يعرف ما عليه أخاه؛ لأن الظاهر من حال الناس في ذلك الوقت الكفر والضلال.
---------------
منقول

الرد على أصحاب الحكم بالشعائر

نبيّن في هذا الرد حال من أدعى الإسلام وتحقيق الكفر بالطاغوت وأجتنب  فعل الكفر والشرك فلم يدعوا ميتاً ولاغائباً ،ولم ينضوى تحت لواء الكفار ولم يتحاكم أو يحاكم غيره إلى محاكم الجاهلية والطاغوت ويعتقد أن ذلك ينافي الإيمان بالله ذي العزة والجبروت ،ولم يعذر المشركين بالجهل، ولكنه زهل عن واقعه بعد أن عرفه وعرف شركه ودفن رأسه في الرمال حتى لاتلحقه وصمة التكفير والرمى بكونهم خوارج ، فقرر أن كل من أظهر شعيرة من شعائر الإسلام في هؤلاء الاقوام المشركة  كان مسلماً محققاً للإسلام ومتبرئاً من عبادة الشيطان، فهو أخوه في الدين يحبه وينصره فأنتهى من حيث بدأ فناقض تأصيله تنزيله ومناط كفر هؤلاء يكون في نقطتين :

الأولى:  جهله بأصل الدين :

ان اصل الدين هو الكفر بالطاغوت والايمان بالله وقد بيّنه الله  بالنصوص القطعية الدلالة، ولايكون المكلف مسلماً إلا بتحقيقه لهذين الركنين ، فمن ظن أو قرر أنه يُمكن لأحد أن يدخل في هذا الدين ويحققه بغير هذين الأمرين _ الكفر بالطاغوت والإيمان بالله _ فهو يجهل دين الله قطعاً ويجهل كيفية الدخول فيه قطعاً.ومن جهل أصل دين الله لايكون مسلماً قطعاً.

إن من عرف أصل الدين وحقق ملة إبراهيم يعلم علم اليقين أن القوم اليوم مشركون ،لم يحققوا التوحيد ، نقضوا أصل الدين وتمسكوا ببعض الشعائر من صلاة وصيام وحجاب .وهذه الشعائر وإن كانت من دين الإسلام فليست هى أصله ،فمن اعتبر هذه الشعائر دليلاً على إسلامهم ،متجاهلاً ما اشتهر عنهم من أفعال شركية ،فهو مثلهم مشرك لم يعرف أصل دعوة المرسلين (اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً)وذلك لأمرين :

الأول : أنه جعل ذات هذه الشعائر هي الإسلام فمن أتى بها فقد حقق الإسلام وهذا القول قول من لم يشم رائحة التوحيد.

الثاني : أنه جعل هذه الشعائر تدُل على الكفر بالطاغوت في قوم يؤدونها مع شركهم وإيمانهم بالطواغيت فمثله لم يعرف التوحيد.

الثانية : عدم تحقيقهم لملة إبراهيم:

ملة إبراهيم هي البراءة من الشرك والمشركين كما بيّن ذلك رب العالمين بقوله : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ  ..) فالذي يحكم على كل من يُلقى السلام اليوم بالإسلام، أويحكم بالإسلام على كل من صلى أو أظهر شعيرة من شعائر الإسلام أويحكم بإسلام كل من لبست النقاب أو الحجاب والذي يحكم على الملايين التي تحجُ بيت الله الحرام في كل عام بالإسلام لم يُحقق ملة إبراهيم ولم يتبرأ من المشركين قطعاً وهذا ينبني على أمور منها :

أولاً:

أن كثير من الناس اليوم يؤدون هذه الشعائر من صلاة وإلقاء السلام و حجاب ونقاب وحج وصيام وأذانٌ وتلفظ بالشهادتين مع تلبسهم بالشرك فالذي يحكم بالإسلام لمن يفعلون هذه الأمور يحكم على المشركين بالإسلام ويتولاهم قطعاً.  وهذا خلاف حكم الله فيهم فقد حكم الله عليهم بالكفر وامرنا بالبراءة منهم.

ثانياً:

أن المسلمين المحققين لملة إبراهيم اليوم قلة قليلة وهذا الذي يحكم على كل من يُظهر هذه الشعائر بالإسلام يحكم المشركين بالإسلام قطعاً فلو كانت هذه الشعوب التى  تظهر هذه الشعائر مسلمة فأين نظامهم الإسلامي وأين براءتهم من القوانين الكفرية وأين محاكمهم الإسلامية !!

ثالثاً:

معرفة المرء بدين قومه وعقائدهم وعاداتهم وتقاليدهم أمر ضروري فطري يعرفه بدون إجتهاد منه، فمن يعش بين عباد البقر لايتصور جهله بمايمارسه قومه من عبادة البقر، ومن يعيش بين الصوفية عباد القبور والأضرحة يعلم قطعاً مايمارسه قومه وإن كان يجهل حكم الشرع فيهم- ولا عذر له في هذا الجهل وكذلك من يعش مع المرجئة والجامية لايتصور جهله بمعتقداتهم وإن كان يجهل حكم الشرع فيهم، فمن يعتبر الشعيرة دلالة على إسلام القوم اليوم يعلم علم اليقين عقائد القوم وممارساتهم مع معبوداتهم سواء كانوا عباداً للقوانين الوضعية والدساتير أو عباداً للأضرحة والقبور، فالواجب عليه بعد معرفة حالهم - الذى لا يخفى على من يعش بينهم - ان ينزل عليهم حكم الله وقد حكم الله عليهم بالكفر،وهو خالف حكم الله فحكم بإسلامهم.

فهناك تساؤلات لمن يحكم بآسلام من تلفظ بالشهادتين في قومنا اليوم بحجة ان الرسول عليه الصلاة والسلام حكم بإسلام من تلفظ بها...

هل كان في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام من تلفظ بالشهادتين وهو جاهلا بمعناها ولم يعمل بمقتضاها...؟

هل كان في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام من يتلفظ بالشهادتين ويأتي بشعائر الاسلام مع فعله للشرك والكفر...؟

والحمدُ لله رب العالمين ..

منقول

قالوا : لا يكفر الحاكم المبدل إلا إذا نسب التبديل للشريعة (2)


ومما يدل دلالة بينة على ان التبديل لحكم الله تعالى الشرعي كفر اكبر مستقل لايفتقر الى ضميمة نسبة المبدل الى الله تعالى انه جاء ايضا  في سبب نزول ايات المائدة
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: إن الله عز وجل أنزل: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة: 44] و {أولئك هم الظالمون} [النور: 50] و {أولئك هم الفاسقون} [الحشر: 19] ، قال: قال ابن عباس: " أنزلها الله في الطائفتين من اليهود، وكانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية، حتى ارتضوا واصطلحوا على أن كل قتيل قتلته العزيزة من الذليلة، فديته خمسون وسقا، وكل قتيل قتلته الذليلة من العزيزة، فديته مائة وسق، فكانوا على ذلك حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم، المدينة، وذلت الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم  يومئذ لم يظهر، ولم يوطئهما عليه، وهو في الصلح، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا، فأرسلت العزيزة إلى الذليلة: أن ابعثوا إلينا بمائة وسق، فقالت الذليلة: وهل كان هذا في حيين قط دينهما واحد، ونسبهما واحد، وبلدهما واحد، دية بعضهم نصف دية بعض؟ إنا إنما أعطيناكم هذا ضيما منكم لنا، وفرقا منكم، فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم ذلك، فكادت الحرب تهيج بينهما، ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، ثم ذكرت العزيزة، فقالت: والله ما محمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم، ولقد صدقوا، ما أعطونا هذا إلا ضيما منا، وقهرا لهم، فدسوا إلى محمد من يخبر لكم رأيه: إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه، وإن لم يعطكم حذرتم، فلم تحكموه، فدسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبر الله رسوله بأمرهم كله وما أرادوا، فأنزل الله عز وجل {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا} [المائدة: 41] إلى قوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} رواه احمد في مسنده وغيره
-ففي هذا ابين الدلالة واوضحها على خطا قول من زعم ان التبديل المكفر هو المنسوب فان سلمنا ان الوارد قي قصة رجم الزاني المحصن انهم نسبوا التحميم والجلد لحكم التوراة افتراءا على الله تعالى ففي هذا الاثر انهم لم ينسبوا الدية بالاوساق وهي مما شرعوه واصطلحوا عليه بينهم الى حكم التوراة بل هو محض اتفاق بينهم وحكم التوراة ان النفس بالنفس فهنا بدلوه الى الاوساق ولم ينسبوه بل اقروا انهم من عند انفسهم فحكم عليهم بالكفر الاكبر فدل على نسبة المبدل الى الله تعالى وصف مكفر مستقل وليس شرطا في التكفير بالتبديل كما زعمته الجهمية الغوية
وعليه فالاية تناولت من بدل حكما لله تعالى محكما وادعاه انه من عنده كقصة الزاني المحصن  ومن بدل حكما لله تعالى محكما وهو القصاص بالاوساق ولو لم ينسبه .....فتامل هذا مرة بعد مرة والله الموفق لكل خير وبر ......

_________________
#منقـــــــــــــــــــــول

قضية الحكم على الناس اليوم وتحقيق عقيدة الولاء و البراء فيهم

كل من فهم الإسلام بمفهومه الصحيح وعرف الطاغوت وأنواعه بما فيها طاغوت الحكم، وعرف أنواع العبادة وأن صرفها لغير الله شرك به، وعرف الحاكمية بتفاصيلها وأن التشريع حق خالص لله لايجوز اعطاءه لغيره عز وجل، وأن الدول التي تزعم أنها مسلمة بما فيها الدولة السعودية ليست على الإسلام،وأن التحاكم لغير شرع الله كفر، وكل من يقول بجوازصرفه للطاغوت سواء لمصلحة أو ضرورة أو حاجة فهو كافر، وأن البراءة من الشرك والمشركين وتكفيرهم من أصل الدين وكان قد باشر واقعنا وعاشه سنين عمره، لمّا يأتيه هذا المفهوم الجديد فما عليه إلاّ أن يطبقه في واقعه وهذه بديهية لا تحتاج إلى كثر عناء

_فكل من باشر واقع الناس اليوم، إذا دُعي للإسلام الذي لم يسمع به لا من والديه ( و دعك مما توارثه عنهما من شعائر تعبدية و أخلاق، فهي ليست الإسلام المتمثل في الكفر بالطاغوت والإيمان باللـه ) ولا من أقربائه و لا من جيرانه و لا من علمائهم و مشايخهم ومن يُشار إليهم بالبنان
يعلم علم يقيني حكم هؤلاء القوم، و لا يعتبر بعدها دعاوي القوم التي كان أيضاَ من قبل يسمعها أنهم مسلمون و يؤدون شعائر تعبدية لله و يقولون "لا إله إلاّ الله"

و هكذا حدث مع الصحابة الكرام في العهد المكي لمّا فهموا الإسلام، فلم يحكموا بالإسلام بعدها لمن أتي بقرائن مشتركة بين المسلمين والمشركين من حج البيت الحرام، أو تلفظ المرء بأنه على ملة ابراهيم عليه السلام

ولذلك ثبت في الحديث ذلك الوقت : " من صلى صلاتنا " الحديث
و لم يذكر الحج لأنه قرينة مشتركة بينهم ولأن الصلاة بالكيفية التي أتى بها الرسول صلى الله عليه وسلم ذات الركوع والسجود المفتتحة بالتكبير والمختتمة بالتسليم لم تكن معهودة عند مشركي قريش فكان كل من صلاها لا يحكم له المسلمون فقط بالإسلام بل حتى أبو جهل يقول عنه إنه صبئ وتبع دين محمد

كذلك لم يكن الصحابة ينظرون  لدعاوي القوم وقولهم أنهم على دين يرضاه الله وحقيقتهم خلاف ذلك كقول أهل الكتاب أنهم أبناء الله و أحباؤه و أنهم شعب الله المختار، و أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتهم، وقولهم كونوا هوداً او نصارى تهتدوا

مع كل هذه الأقوال لم يختلف المسلمون في حكمهم، ولم يقولوا فلنعطهم الإسلام الحكمي لمقولتهم هذه ثم نتبين منهم إن كانوا حقيقة مسلمين
وفي قوم مسيلمة الكذّاب لم يعتبر الصحابة تلفظهم بلا إله إلا الله و لا صلاتهم و لا سماع الآذان منهم الذي كانوا يسمعونه من قبل و في حياة الرسول صلى الله عليه و سلم من قرية فيكفون عنها و يعطوها حكم الإسلام
لأنهم من مباشرتهم للقوم علموا أن ليست هذه ناقضتهم
فلو سمعوا بعدها الواحد منهم يتلفظ بلا إله إلا الله ولو ألف مرة فلن يكفوا عنه ويعصموا دمه ويحكموا له بالإسلام بقولها

_فهل يُقال أن الصحابة كانوا خوارج لأنهم يُكفرون و يقاتلون من يقول لا إله إلا الله !؟!؟

وفي مثل ما فعله الصحابة ذكرت أقوالاً عن التلفظ بلا إله ألا الله أنه يعتبر في أقوام دون آخرين ويختلف الحكم به من واقع لآخر

كما قيل " الكافر إذا كان وثنيا أو ثنويا لا يقرّ بالوحدانية فإذا قال : " لا إله إلا الله " حكم بإسلامه ثم يجبر على قبول جميع أحكام الإسلام ويبرأ من كل دين خالف دين الإسلام

وأما من كان مقرا بالوحدانية منكرا للنبوة فإنه لا يحكم بإسلامه حتى يقول : " محمد رسول الله " وإن كان يعتقد أن الرسالة المحمدية إلى العرب خاصة ، فلابد أن يقول : " إلى جميع الخلق " فإن كان كفره بجحود واجب أو استباحة محرم فيحتاج أن يرجع عما اعتقده "
.
و كذلك في قوله : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " معلوم أن المراد بهذا أهل عبادة الأوثان دون أهل الكتاب لأنهم يقولون " لا إله إلا الله " ثم يقاتلون ولا يرفع عنهم السيف "

و قيل " اختصاص عصمة المال والنفس بمن قال " لا إله إلا الله " تعبيراَ عن الإجابة إلى الإيمان وأن المراد بذلك مشركو العرب وأهل الأوثان ، فأما غيرهم ممن يقر بالتوحيد فلا يكتفي في عصمه بقول " لا إله إلا الله " إذا كان يقولها في كفره .

و واقعنا اليوم أشبه بالواقع المكي بل أشر، فالناس اليوم يقولون لا إله إلا اللـه في كفرهم { لا تعبيراً عن الإجابة للإيمان بالكفر بالطاغوت و الإيمان بألوهية الله سبحانه بل يقولونها تعبيراً عن : لا خالق و لا رازق إلا الله { و هم في جاهلية أشر من تلك التي كانت يوم جاء الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الدين .

و كفر المنتسبين للإسلام اليوم ككفر اليهود والنصارى ولا فرق
فكما لا يُشك في كفر اليهود والنصارى أفراداً ومجتمعات ، فكذلك المشركين المنتسبين للإسلام اليوم .

فإن قيل : إن النصارى كفرهم قطعي ومذكور في القرآن في آيات تذكر كفر الذين قالوا إن اللـه ثالث ثلاثة و أن المسيح ابن اللـه و أنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباَ من دون اللـه

نقول : وكذلك مشركي زماننا أيضاً كفرهم قطعي ومذكور في آيات عديدة من القرآن من اتخاذهم مشرعين من دون اللـه، و تحاكمهم إلى شرائعهم، وعبادتهم الأولياء والقبور وجهلهم بأصل الدين

فما الفرق بين إعتقاد أن عيسى ابن اللـه وبين قول الولي الفلاني ابن اللـه أو شفيع عند اللـه و الله سبحانه يقول:{أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ}

فإن قيل : إن أقوامنا يصلون و يحجون و يزكون و يفعلون الكثير من القربات لله

نقول: مشركي قريش الذين بُعث فيهم النبي صلى الله عليه و سلم كان لهم أعمال مثل هذه فكانوا يسقون حجاج بيت الله ويكسون بيت الله الحرام ويعمرونه ويحجون و يتصدقون و لهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون
فلمّا إفتخروا بذلك على المسلمين أنزل الله فيهم :{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِر} الآية

وكذلك نقول لمن كانت لهم أعمال يفتخرون بأنهم يقدمونها لله : أجعلتم أعمالكم هذه مع إيمانكم بالطاغوت و عدم توحيدكم لله ، كمن آمن بالله وكفر بالطاغوت وتبرأ منه ومن عابديه !!؟ {لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ }

و إن قيل: إن هؤلاء يقولون لا إله إلا اللـه ويزعمون أنهم مسلمون

نقول: واليهود والنصارى لهم دعاوي مثلها أيضاً فهم يقولون أنهم شعب اللـه المختار، و أنهم أهدى طريقاً و يقولون إنهم مسلمون وينتسبون إلى دين إبراهيم عليه السلام

فالذين يحكمون بالشعائر يقتضي قولهم أن يعتبروا تلفظ أهل الكتاب بأنهم على ملة إبراهيم و أنهم شعب اللـه المختار و أنه لن يدخل الجنة إلا من كان مثلهم فيحكمون لهم بالإسلام لمقولاتهم هذه حتى يتبين خلاف ذلك.

وكذلك يقتضي أن يحكموا على الواحد من نصارى اليوم بالإسلام حين دخوله على أحد المنتسبين للإسلام و إلقاء تحية الإسلام عليه لأن اللـه عز و جل وبّخ من لم يحكم لمن ألقى تحية الإسلام بالإسلام و أمر بإعطائه حكم الإسلام ويتثبت في ذلك فقال {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً}

و هذا ما لا يقولونه و يأنفون منه ويعتبرونه معاندة للواقع الذي هو بخلاف ذلك، فإنهم يقولون أن هؤلاء النصارى الذين يلقون تحية الإسلام إنما يقولونها تحية لهم فقط ، وليس تعبيراً عن الإجابة للإيمان بالبراءة من النصرانية و الإقرار بدين الإسلام

و لأن الشهادة على أفرادهم بالإسلام لمجرد هذه الدعاوي( أنهم شعب اللـه المختار و أنه لن يدخل الجنة إلا من كان مثلهم) مناقضة لعقيدة البراءة من النصارى و دينهم الباطل إذ سوف يُعطى حكم بالإسلام لكل فرد منهم

فنقول :
و كذلك الحكم على جاهلية اليوم بالإسلام بمجرد تلفظهم بلا إله إلا اللـه التي يقولونها في كفرهم و ليس تعبيراً عن الإجابة للإيمان الحقيقي يقتضي الحكم على كل فرد معيّن منهم بالإسلام .. ومن ثم فلا تطبيق لعقيدة البراءة من المشركين في الواقع العملي

والخطأ الذي عند أمثال هؤلاء - أي أصحاب الإسلام الحكمي أو الذين يحكمون بالشعائر اليوم - والنقطة التي تغافلوها هي خطوات تقديم الإسلام اليوم في عرضه وربطه بالواقع والتي لابد منها

أما المجئ بنتيجة أخيرة وفرض أن شخصاً ما مسلماً في واقعنا جاهل حال القوم فهذا يُعد من قبيل السفسطة الإسلام اليوم في عرضه وربطه بالواقع والتي لابد منها وعرض الإسلام وربطه بالواقع ليس بدعاً من القول فهي طريقة القرآن الكريم، وهي كذلك من المُسلَّمات البديهية ..

إذ لمّا يُعرض الإسلام اليوم - الذي يغيب عن الناس منذ عقود طويلة من الزمن - فيُقال إن الكفر بالطاغوت هو أول واجب على المُكلَّف تحقيقه لأنه لا إسلام لمن لم يأت به، ويُذكر الآيات والأدلة الدالة على ذلك .

يكون السؤال البديهي بعد هذا ماهو أو أين هو الطاغوت اليوم لنكفر به، و ما موقف الناس اليوم من دين الطاغوت

وإلاّ سوف يكون إسلاماً نظرياً لا تجسيد له في الواقع ؟؟؟!!!!

فعند مُدارسة الإسلام والتكلم في مسائله، كمسألة الحاكمية وشرح آياتها وأن الحاكم المبدّل لشرع الله العادل عنه لغيره كافر، يتبعه سؤال بديهي

أين تصنيف حكام اليوم ودول اليوم ؟

و أين تصنيف الناس اليوم من هذا المفهوم ؟

ولو إستمعنا اليوم لسفسطة جهالة الحال ووسعنا دائرتها لقلنا أن من لم يُكفر اليهود والنصارى اليوم ففيه تفصيل أيضاً أو نقول أن هذا كفر لكن المُعيَّن لا يكفر، لأنه قد يكون نشأ اليوم من المنتسبين إلى الإسلام من لم يعرف دين اليهود والنصارى !!!

أو نتصور في خيالنا أن شخصا ما قد حقق الإسلام (الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ) وأتى بالتوحيد على كماله و والى أولياء الله وعادى أعداءه وتبرأ منهم .. ثم هذا الشخص إن لم يُكفر اليهود والنصارى، يجب علينا ألاّ نتسرع في تكفيره لأنه قد يكون جاهل بحال اليهود والنصارى وما يدينون به أو يظنهم على نفس دينه وتوحيده !!؟

فكيف نتسرّع ونلغي ما أتى به من توحيد لمجرد أن جهل حال قوم !!!

ثم تُعمم حالة هذا الشخص على كل فرد، فيُقال أن من لم يكفر اليهود والنصارى اليوم ففيه تفصيل ولا يُكفر، لأنه قد يكون جاهلاً بحالهم وما يدينون به !!!

و مشكلة كثير ممن يتكلم اليوم في الدين و تدرج في فهم بعض مسائله أنه لم تستبين له الطريق تماماً، لتقديم الدين له مُجزأً، وفي هالة كبيرة من الشبهات، فلم تُقدم له صورته الناصعة الجلية، فتراه يُجادل في مثل هذه المسائل و يُدخل سفسطات، و ذلك لعدم إستبانة سبيل المجرمين من سبيل المؤمنين لديه ولو اتضحت له الصورة كما اتضحت للصحابة الكرام، فلم يعتبروا الشعائر المشتركة بين المسلمين والمشركين، ولم يعتبروا الدعاوي في الدين
ما لم تقم عليها بينات كدعاوي أهل الكتاب لو اتضحت لهؤلاء لما أدخلوا سفسطات  وتطرقوا لإحتمالات خيالية شاذة و لأجروا أحكام الولاء والبراء كما أجراها الصحابة بداهةً من منطلق فهمهم للإسلام، ومن مباشرتهم للواقع .

و الله المستعان و الله أعلم و أحكم ...

منقول

عربي باي