قصة إسلام الطُّفَيْلِ بنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيّ
======================================
فَلَمَّا انْصَرَفَ تَبِعْتُهُ ، فَدَخَلْتُ مَعَهُ بَيْتَهُ ، فَقُلْتُ : يَا مُحَمَّدُ ، إِنْ قَوْمَكَ جَاءُونِي فَقَالُوا لِي كَذَا وَكَذَا ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالُوا ، وَقَدْ أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ أَسْمَعَنِي مِنْكَ مَا تَقُولُ ، وَقَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهُ حَقٌّ ، فَاعْرِضْ عَلَيَّ دِينَكَ ، فَعَرَضَ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمْتُ ، ثُمَّ قُلْتُ : إِنِّي أَرْجِعُ إِلَى دَوْسٍ ، وَأَنَا فِيهِمْ مُطَاعٌ ، وَأَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَهُمْ ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ لِي آيَةً قَالَ : اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَهُ آيَةً تُعِينُهُ .
فَخَرَجْتُ حَتَّى أَشْرَفْتُ عَلَى ثَنِيَّةِ قَوْمِي ، وَأَبِي هُنَاكَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ، وَامْرَأَتِي وَوَلَدِي ، فَلَمَّا عَلَوْتُ الثَّنِيَّةَ وَضَعَ اللَّهُ بَيْنَ عَيْنَيَّ نُورًا كَالشِّهَابِ يَتَرَاءَاهُ الْحَاضِرُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ ، وَأَنَا مُنْهَبِطٌ مِنَ الثَّنِيَّةِ ، فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ فِي غَيْرِ وَجْهِي ،فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَظُنُّوا أَنَّهَا مُثْلَةٌ لِفِرَاقِ دِينِهِمْ ، فَتَحَوَّلَ فَوَقَعَ فِي رَأْسِ سَوْطِي ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسِيرُ عَلَى بَعِيرِي إِلَيْهِمْ ، وَإِنَّهُ عَلَى رَأْسِ سَوْطِي كَأَنَّهُ قِنْدِيلٌ مُعَلَّقٌ ، قَالَ : فَأَتَانِي أَبِي فَقُلْتُ : إِلَيْكَ عَنِّي ، فَلَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنِّي . قَالَ : وَمَا ذَاكَ ؟ قُلْتُ : إِنِّي أَسْلَمْتُ وَاتَّبَعْتُ دِينَ مُحَمَّدٍ . فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّ ، دِينِي دِينُكَ ، وَكَذَلِكَ أُمِّي ، فَأَسْلَمَا ، ثُمَّ دَعَوْتُ دَوْسًا إِلَى الْإِسْلَامِ ، فَأَبَتْ عَلَيَّ وَتَعَاصَتْ ، ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ : غَلَبَ عَلَى دَوْسٍ الزِّنَا وَالرِّبَا فَادْعُ عَلَيْهِمْ . فَقَالَ : اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا .
ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَيْهِمْ ، وَهَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقَمْتُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ أَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ، حَتَّى اسْتَجَابَ مِنْهُمْ مَنِ اسْتَجَابَ ، وَسَبَقَتْنِي بَدْرٌ وَأُحُدٌ وَالْخَنْدَقُ ، ثُمَّ قَدِمْتُ بِثَمَانِينَ أَوْ تِسْعِينَ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ دَوْسٍ ، فَكُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى فَتَحَ مَكَّةَ . فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْعَثْنِي إِلَى ذِي الْكَفَّيْنِ ، صَنَمِ عَمْرِو بْنِ حُمَمَةَ ، حَتَّى أَحْرِقَهُ . قَالَ : أَجَلْ ، فَاخْرُجْ إِلَيْهِ . فَأَتَيْتُ ، فَجَعَلْتُ أُوقِدُ عَلَيْهِ النَّارَ ، ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقَمْتُ مَعَهُ حَتَّى قُبِضَ .[ سير أعلام النبلاء(344-345)].
(ثُمَّ قُلْتُ : إِنِّي أَرْجِعُ إِلَى دَوْسٍ ، وَأَنَا فِيهِمْ مُطَاعٌ ، وَأَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَهُمْ ) فيه التكفير بالعموم ، حيث حكم عليهم بالكفر بدليل أنه أراد دعوتهم إلى الإسلام، فإن المسلم لا يدعى إلى الإسلام. وفيه أنه لم يخفَ عليه حكمهم ، وكيف يخفى عليه حكمهم وقد كان فردا منهم يدين بدينهم.
(فَأَتَانِي أَبِي فَقُلْتُ : إِلَيْكَ عَنِّي ، فَلَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنِّي ) فيه التكفير بالتعيين،فقد تبرأ من أبيه وهو التطبيق العملي للبراءة من الشرك وأهله.
(فَأَقَمْتُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ أَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ، حَتَّى اسْتَجَابَ مِنْهُمْ مَنِ اسْتَجَابَ ) فيه أنه لم يستثن منهم إلا من ثبت له إسلامه، فمن استجاب لدعوته حكم له بالإسلام ومن لم يستجب لدعوته أبقى عليه حكم قومه، ألا وهو الكفر...منقول
0 التعليقات :
إرسال تعليق