قالوا :
"إن القرآن لم يعذر المشركين الأصليين بالجهل .. ونحن أيضا لا نعذرهم بالجهل وإنما نعذر الذين يشركون وهم يظنون أنهم مؤمنون بالله وينتسبون إلي الإسلام " .
فنقول :
[ أوَلاً] : إن الله تعالي قد أخبر في كتابه أن هناك طريقين اثنين لا ثالث لهما :
(الأول ) طريق الإسلام والتوحيد وإخلاص العبادة لله .
( الثاني) هو طريق الشرك وعبادة غير الله .
فمن لم يكن علي الطريق الأول فهو علي الطريق الثاني إذ ليس ثم طريق ثالث يمكن أن يكون عليه الإنسان .
كما هو بيّن في الآيات الآتية :
"فإن تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون ( [ آل عمران : 64] .
"فإن تولّوا فإن الله لا يحب الكافرين ( [آل عمران : 32] .
"فذلكم الله ربّكم الحقّ فماذا بعد الحقّ إلاّ الضلال فأنّى تصرفون ( [ يونس : 32]
"وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله (
[ الأنعام : 153] .
"ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدوّ مبين . وان اعبدوني هذا صراط مستقيم ( [ يس : 60/61] .
فمن هذه الآيات وأمثالها في القرآن تعلم أن الذي ليس علي طريق الإسلام والتوحيد والإخلاص لا يكون إلاّ علي طريق الشرك والكفر وعبادة الشيطان .
[ ثانيا ] : إن الله بيّن في كتابه أن الإنسان إذا ضلّ عن سبيل الله وسلك الطريق الثاني ، طريق الشرك والكفر وعبادة الشيطان ثم زعم وهو علي ذلك أنه علي الطريق الأول ، طريق الإسلام وملّة الأنبياء والمرسلين ، فإن الله لا يقبل منه زعمه الكاذب ولا يعطيه حقوق السالكين الصادقين المقتدين برسل الله الموحدين .
وقد ردّ الله زعم المشركين وأهل الكتاب بأنهم علي ملّة إبراهيم .
فقال :
"ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما
كان من المشركين ( [ آل عمران : 67] .
وقال تعالي :" إن يتبعون إلاّ الظنّ وإنّ الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً ( [ النجم : 28] .
"وما يتبع أكثرهم إلاّ ظنّا إنّ الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً ( [ يونس : 36 ] .
فإذا كانت هذه سنّة الله التي قد خلت في عباده فمن أين وجدتم الأدلة القاضية علي أن هذه الأمة المحمدية مستثناة من هذه القاعدة وأن من أشرك ممن ينتسب اليها وسلك الطريق الثاني ينفعه الظنّ والزعم الكاذب ؟؟ إنكم سوف لا تأتون بدليل مقنع وإن اجتهدتم وأنفقتم في البحث عنه أوقاتكم أو أعماركم لأن هذه سنّـة الله ... "ولن تجد لسنّة الله تبديلاً "
بل إنكم علي عكس ذلك سوف تجدون من الأدلة ما يرشدكم إلي القول بأنه سيكون من هذه الأمّة من يتبع سنن أهل الكتاب ويضلّ ضلالاً يشبه ضلالهم .
وضلال أهل الكتاب معروف ، فقد كانوا ضالّين وهم يحسبون أنهم مهتدون وأنهم شعب الله المختار .. ولا يدخل الجنة غيرهم وأن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة .
وقد جاء في الحديث المتفق على صحته :
(( لتتبعنّ سنن من كان قبلكم حذو القذّة بالقذّة حتي لو دخلوا جحر ضبّ
لدخلتموه . قالوا : يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟ ؟ .
[ ثالثا ] ورد في صحيح ( مسلم ) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : يا رسول الله إن ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذاك نافعه . قال : لا ينفعه إنه لم يقل يوما " رب اغفرلى خطيئتي يوم الدين "
فكيف يكون المشركون في هذا الزمن معذورين بالجهل مع وجود القرآن الذي ينهي عن الشرك بكل صوره .
[ رابعا ] إتّفق الصحابة رضوان الله عليهم علي كفر أتباع مسيلمة الكذاب .. وكان من أولئك الاتباع كثيرون انخدعوا بشهادة حامل القرآن المرتدّ " الرجال بن عنفوة " فلم يعذرهم الصحابة بالجهل والغفلة ، بل قاتلوهم وأفنوهم في موقعة " اليمامة " وهم يدّعون الإسلام وينطقون بالشهادتين ويقرّون بالصلاة .
وكذلك كان من الذين منعوا الزكاة من يظنّ أن جمع الزكاة حقّ للنبي صلى الله عليه وسلم ولا يجب أداؤها لأبي بكر رضي الله عنه ويستدل بالقرآن بقوله تعالي :
" خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّ عليهم إن صلاتك سكن لهم .
فقالوا إن ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الصحابة لم يعذروهم بالجهل .. ولم يظنّوهم مسلمين بالشهادتين والصلاة .
وإذا كانت الصحابة لم يعذروا أولئك بالجهل .. فهل كانوا يعذرون بالجهل أهل الكفر والطغيان ، أولياء اليهود والنصارى ، المستكبرين عن الانقياد لكتاب الله جملة وتفصيلاً ، الذين يحاربون التوحيد وأهله علنا .. ؟؟ وأيهما أعظم جريمة مانع الزكاة أم عدوّ التوحيد.
----------------
منقول
0 التعليقات :
إرسال تعليق