قالوا :
" مما يدلّ علي أنّ الإسلام هو التلفظ بالشهادتين دخول العجم - الذين لا يعرفون اللّغة العربية ولا يعرفون النفي والإثبات الذي تتضمنه كلمة التوحيد - الإسلام بالتلفظ المجرّد "
فنقول :
هذا أيضاً جهلٌ عظيمٌ وسوء تقدير للأمور وغفلة عن حقائق دينية وتاريخية .
( أولاً) لقد بينّا فيما سبق أنّ النبي صلى الله عليه وسلم -كغيره من الأنبياء– لم يكن يطلب من قومه أن يأتوا بالتلفظ بكلمة التوحيد وحدها.. وإنما كان يطلب منهم إخلاص العبادة لله ونبذ طاعة الطواغيت مع النطق بكلمة التوحيد .
وقلنا أنّ كلّ من شهد الشهادتين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كان مظهراً لعبادة الله وحده تاركا لعبادة غيره من الآلهة والطواغيت ولا نجد في سنّة النبي صلى الله عليه وسلم القولية والعملية أنّه أقرّ لأحد يصرّ علي شرك وكفر بالإسلام لأجل التلفظ بكلمة التوحيد ...
ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم مبعوثا إلي العرب خاصة وإنما كان رحمة للعالمين أرسله الله إلي الناس كافة بشيراً ونذيراً ...
قال تعالي) وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين ( [ الأنبياء : 107]
وقال تعالي ) وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون ( [ سبأ : 28]
ومن اعتقد أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يطلب من العجم غير التلفظ بكلمة التوحيد وأنّهم كانوا يصيرون من أهل الإسلام وهم مقيمون علي الشرك والكفر ... من اعتقد ذلك فقد اتّهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورماه بالعظائم، اتّهمه بمخالفة القرآن الذي أوجب عليه أن يدعو الناس كافة إلي عبادة الله واجتناب الطواغيت واتّهمه كذلك بالغشّ والمحاباة في أمر الدعوة وهداية البشرية الضالة ..
( ثانياً) لقد أسلم من العجم كثيرون في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم نر من يفرّق بين إسلامهم وإسلام إخوانهم من العرب …
وكذلك دعا النبي صلى الله عليه وسلم ملوك العجم إلي الإسلام وكتب إليهم كتباً تحمل هذه العبارة [ أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرّتين ] وكان من الملوك من أسلم كالنجاشي .. ومنهم من عرف حقيقة الإسلام ولكنّه ضنّ بملكه وأصرّ علي الضلال . كهرقل ومقوقس ومنهم من جهل واستكبر ومزّق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ككسرى ملك الفرس ..
وقد كانت دعاة الإسلام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء يبلّغون رسالة الإسلام ويخاطبون الملوك والأمراء والرعايا العجم ما يريد منهم الإسلام ولم يكن الإختلاف في اللّغات عائقا يمنع انتشار الإسلام.وكان كثيرا ما يوجد عربياً يعرف لغة العجم أو عجمياً يعرف لغة العرب .
وكان اتخاذ الترجمان معروفا من قديم الزمان إذا أراد اثنان أن يتحدثا وكان كلّ منهما لا يعرف لغة الآخر…
ولما تغلب المسلمون علي إمبراطورية فارس وسقطت عاصمة مملكتهم [ المدائن ] في أيدي المسلمين في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولّي عمر سلمان الفارسي إمرة [ المدائن ] وكان سلمان رضي الله عنه صحابياً من علماء الصحابة وكان كذلك فارسياً يعرف لغة الفرس ويقدر علي تبليغ الفرس مبادئ الرسالة الإلهية .
وقد نبغ من العجم كثيرون وأصبحوا علماء وأئمة يقتدي بهم المسلمون العرب وغير العرب
وكان العلماء الذين هم من أصل أعجميّ لا يحصون كثرة فيما بعد عصر التابعين وكان منهم الإمام "البخاري" و "مسلم" صاحبا الصحيحين ...
فمما تقدم تعلم أنّ العجم دخلوا في الإسلام كما دخلت فيه العرب وشهدوا أن [ لا إله إلاّ الله ] وهم يعلمون النفي والإثبات الذي تتضمنه الكلمة لأنّ الذين بلّغوهم الإسلام كانوا أعلم منا بضرورة البيان وبقوله تعالي:-
)وما أرسلنا من رسول إلاّ بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء ( [ إبراهيم:4] ...منقول
0 التعليقات :
إرسال تعليق