صفحتي

صفحتي
مدونة ياقوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره
الأربعاء، 15 فبراير 2017

(١٥) قالوا : فقلنا

قالوا:

إن الناس عندهم الشبهات التي يضلهم بها أئمة الضلال وفقهاء السوء ليلبسوا عليهم دينهم ، فلزم عذرهم حتى نفهمهم الكلام , ونفند لهم الشبه ونبين لهم فساد كلام أئمتهم وكبرائهم

نقول :
وهذا من أفسد ما تذهب إليه العقول وتضل به الألباب , فهو فضلاً على أنه دعوى بلا برهان , وهو أمر لا يعجز عنه كل أفاك مبتدع زائغ ، فإنه مخالف لبيان الله مخالفة ظاهرة , فكم قص علينا القرآن المجيد أن ضلال المشركين وكفرهم وخسرانهم ، إنما كان بتضليل أئمتهم لهم وتلبيس الدين عليهم وبثهم الشبهات في معاني الدين وحول الحق , وتشويه صورة دعاته بشتى الأوصاف والاتهامات . بل هم الذين حكى القرآن المجيد عنهم قولهم: " يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ "
وهم الذين حكى عنهم القرآن الكريم قولهم يوم القيامة :" وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ "
وهم الذين قص علينا القرآن المجيد أسفهم وخيبتهم في النار : " وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنْ الْأَشْرَارِ. أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمْ الْأَبْصَارُ "
وفي هذه القضية كذلك قول الحق سبحانه وتعالى : " وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ " (الأنعام: 137) وفي ذلك قول الحق سبحانه وتعالى : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ " (الأنعام: 112) وفي ذلك قول الحق سبحانه وتعالى مقرراً سبب كفر جماهير المشركين : " بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ "(الأنبياء :24)
فهؤلاء قد جاءهم النذير وسمعوا الذكر ولكن تضليل أئمتهم لهم وتلبيسهم الأمر عليهم وتشويشهم على الحق وأهله فضلاً عن الفسق الذي في قلوب الناس جعلهم ضالين عن معرفة الحق الواضح ولزومه , مخلوط عليهم أمر الهدى والضلال ، بل وصل الأمر عند بعضهم إلى الاعتقاد الجازم بصحة مذهبهم ودينهم وفساد مذهب الرسول ومن تابعه , فيقولون يوم القيامة :" وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنْ الْأَشْرَارِ " (ص:62) فما علمنا نصاً في كتاب ولا سنة صحيحة ولا ضعيفة ولا قول صاحب ولا تابع يقول بأن هؤلاء الضالين ناجون من النار معذورون بتضليل أئمتهم لهم ووجود الشبهات في عقائدهم تجاه الحق وإنما ابتدع مثل ذلك البهتان المتجرءون على الشريعة والمتطفلون على الفقه والعلم في آخر الزمان ، بل وجدنا كافة النصوص الشرعية تبين بجلاء ووضوح أن الضالين والذين أضلوهم كلاهما في النار من الخاسرين ، إلا الذين تابوا ومن الله عليهم بلزومهم الهدى ودين الحق وشرح صدورهم للإسلام .
هذا وقد تواترت النصوص الشرعية القرآنية على بيان أن من الكفار من لا يفقه كتاب الله ، ولا بيان رسوله ، ويموت يوم يموت وهو شاك في قضايا الإيمان بهذا الطرح الذي طرحه الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويظن أنه على الهدى ، قال تعالى : " قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً " (الكهف : 103 - 104 ) .
هذا برهان جلي ، وبيان إلهي يدفع من اشترط إزالة الشبهة التي تتعلق بأذهان الكافرين لإقامة الحجة . فلو كان هذا صحيحاً لصح عذر من قال الله تعالى فيهم: " إِنَّهُمْ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ " (الأعراف :30) وكذلك من حكى الله تعالى عن عدم فهمهم للحق أو معرفتهم به فقال : " وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً . إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا ً"( الفرقان:41 - 42 )
سبحان الله هل هناك سوء فهم للحق ، وتلبيس فيه بمثل ذلك حتى يقول : " إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا " ، فلعمر الحق لو صح اشتراط الفهم ورفع الشبهة في مقام الحجة للمشركين لصح بيقين عذر هؤلاء الضالين , ولكنا وجدنا الحق سبحانه وتعالى يقول معقباً على كلامهم : " وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا ً " بل إن الله تعالى يقرر بوضوح يقطع ألسنة المخالف لنا في هذه القضية , يقرر سبب كفر أكثر المشركين بقوله تعالى : " بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ " (الأنبياء :24)
فهل بعد بيان الله من بيان ؟ وهل خرست ألسن الأفَّآكين ؟ وهل كشف عوار المبتدعين ؟ اللهم فاشهد … .
إن من اشترط لقيام الحجة ، فهمها كما يفهمها المؤمن وقطع جميع الشبه حولها ،كما يشترطه اليوم علماء الطواغيت وأدعياء العلم أصحاب العذر بالجهل ، فقد أتى بعظيمة في الدين ، ولزمه عذر اليهود والنصارى اليوم يقيناً ، لأن كل عاقل يعلم أن الحجة لم تقم عليهم بهذا التحديد الذي حدده ..
فجماهيرهم مقلدون تابعون ، يجهلون دلائل القرآن المجيد لإعراضهم عنه فضلاً عما يبثه فيهم أئمة الضلال من الأحبار والرهبان من شبه حول القرآن ودلائله ، فهلَّا عذر اليهود والنصارى بجهلهم على مذهبه ؟؟
ومن العجب أننا لما عارضنا بعضهم بأمر اليهود والنصارى قالوا : إننا كَفَّرنا اليهود والنصارى لأن النصوص القطعية في الكتاب والسنة دلت على كفر من دان بدينهم ، قلت : وكذلك النصوص القطعية في الكتاب والسنة دلت على كفر من شَرَّع شرعة من دون شرع الله يتصرف بها في جزء من كون الله وقضى بها بين العباد في دمائهم وأموالهم وأعراضهم ، وكذلك دلت على كفر من تحاكم إلى غير شرع الله ، وكذلك دلت على كفر من توجه بالنسك لغير ذات الله تعالى ، أو استنصر غير الله أو استرزقه من الأموات ، فلم عذرتم هؤلاء ولم تعذروا هؤلاء ؟؟
فبأي سلطان ودليل يفرق بين من أشرك من المنتسبين لدين محمد صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، وكلاهما نقض التوحيد ؟؟ أم أن الله تعالى جعل القرآن حجة بمجرده على اليهود والنصارى وليس حجة على من أشرك ممن يدعي الاسلام الا بشرح العلماء ، أم هو الهوى والتحكم بالباطل ؟؟!!
أريد أن أقول : إن الاعتراض عليهم هنا بشرك اليهود والنصارى هو في ذاته حجة ملزمة ، ولا انفكاك منها ، إلا أن يُحَكِّموا محض الهوى والتلذذ ، وإني أعلم جيداً أنه لولا بقية من الحياء عند بعضهم لحكموا بعذر اليهود والنصارى وأنهم ليسوا كفاراً مشركين إلا من بعد إقامة الحجة الرسالية الغيبية على كل رجل وامرأة بالكتاب والسنة وتفسير الأئمة المشهورين ، وبيان فساد ما عندهم من شبه ، وإبطال ما يموه به أحبارهم ورهبانهم على الحق وأهله ؟ أليس كذلك ؟ نبؤوني بعلم إن كنتم صادقين .
ــــــــــــــــــــــــ
منقول

اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي