صفحتي

صفحتي
مدونة ياقوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره
الاثنين، 14 نوفمبر 2016

من هو المسلم (١٤)

وحتى تنفع كلمة ( لا إله إلا الله ) الإنسان ويصبح بها مسلماً لا بدّ له من البراءة من كل الكفّار سواء كانوا أحياء أم أمواتاً .

والبراءة من الكفّار تعني كراهيتهم وبغضهم وعدم محبتهم ، فلو قال إنسان ( لا إله إلا الله ) والتزم بما جاء من دين الله من صلاة وصوم وزكاة وحج وجهاد وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر إلى غير ذلك من أمور الدين ولكنّه لم يبغض الكفار وأحبّهم ولو واحداً منهم ولو كان أقرب الناس إليه فقد كفر .
فلا يحكم على إنسان جامع المشركين وسكن معهم بالإسلام إلا إذا أظهر البراءة منهم وفاصلهم في حياته المفاصلة التامة ولم يرض الكفر والضلال الذي هم فيه .
قال تعالى : ]قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَاؤُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ...[ [الممتحنة: 4].
إن الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة يأمرنا أن نقتدي بإبراهيم عليه السلام ومن معه من المؤمنين ، فإنهم آمنوا بالله وحده وردّوا الطواغيت ومن عبد الطواغيت ، وأعلنوا أن هؤلاء كلّهم كفّار يجب عداوتهم وبغضهم والبراءة منهم حتى يؤمنوا بالله وحده ، وكما أنّهم قد كفَّروا الطواغيت وأبغضوهم فإنهم في نفس الوقت كفَّروا وأبغضوا وعادوا من عبد الطواغيت .
هذا هو معنى لا إله إلا الله ، فمن قال هذه الكلمة عارفاً لمعناها عاملاً بمقتضاها مبتعداً عن ما ينقضها فهو المسلم الحق عند الله .
ويوضّح الله جلّ وعلا لنا في آية أخرى صفات المؤمنين، فيقول عز من قائل : ]لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رضي الله عنهمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ [  [المجادلة: 22].
في هذه الآية الكريمة يوضِّح الله لنا أن من أحبّ الكفّار ووالاهم ولو كانوا أقرب أقربائه ، فإن هذا الشخص مع فعله ذلك يكون ادّعاؤه الإيمان والإسلام ادّعاء باطل .
فمن جالس من يستهزأ ويكفر بالله ورسوله فهو مثله ولو ادّعى أنه غير راض بذلك .
يقول الله جل وعلا : ]وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا [ [النساء: 140].
عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي ) . 
ويقول أيضاً صلى الله عليه وسلم : ( يحشر المرء مع من أحب )
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وهل الدين إلا الحبّ في الله والبغض في الله )
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( من أحبّ في الله وأبغض في الله وعادى في الله ووالى في الله فإنما تنالوا ولاية الله بذلك )   .
ويقول صلى الله عليه وسلم : ( لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فهو مثلهم )
ويقول صلى الله عليه وسلم : ( لا يقبل الله من مشرك أشرك بعدما أسلم عملا حتى يفارق المشركين إلى المسلمين ) () .
فمجامعة الكفار ومساكنتهم وتكثير سوادهم مع عدم إظهار البراءة منهم بدون عذر شرعي تعني الكفر ، فإذا سكن إنسان في مجتمع من مجتمعات اليوم التي يحكمها الكفر والتي أظهرت الكفر بأشكال مختلفة وألوان متعددة ولم يظهر براءته من هذا المجتمع وأهله الكفّار بل أظهر الولاء والرضى لهم كان منهم وحكم على ظاهره - الذي نحن مأمورون بأن نحكم به - أنه كافر ، وباطنه وسريرته إلى الله تعالى .
هذا هو موقف المسلم من أعداء الإسلام ومن صفّ في صفوفهم وأعانهم .
هذا ولا تعني البراءة من الكفّار الذين لم يحاربوا الإسلام والمسلمين ولم يصفّوا في صفوف المحاربين للإسلام، ولم يعلنوا العداوة الصريحة للإسلام وأهله عدم معاملتهم معاملة حسنة ، وذلك ببرهم والإحسان إليهم كالنفقة على الأقرباء مثلاً كالآباء والأبناء والإخوة ، وكزيارتهم وإكرامهم وإهدائهم بعض الأشياء ترغيباً لهم في الإسلام وتأليفاً لقلوبهم .
يقول الله جل وعلا :- ]وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [ [لقمان: 15].
ويقول أيضاً : ]لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [ [الممتحنة: 8].

وعن هشام ابن عروة أخبرني أبي ، أخبرتني أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت :- [ أتتني أمي راغبة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فسألتُ النبي صلى الله عليه وسلم هل أصلها ؟ قال :- (نعم) ، قال ابن عيينة : فأنزل الله تعالى : ]لاَ يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ [[الممتحنة: 8] .

ورُوِيَ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى حلة سيراء ( من حرير ) عند باب المسجد فقال :- ( يا رسول الله لو اشتريت هذه فلبستها للناس يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك ) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة ) ، ثم جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حلل فأعطى عمر منها حلة فقال عمر :- ( يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت ما قلت في حلة عطارد ما قلت ) ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إني لم أكسكها لتلبسها ) ، فكساها عمر أخاً له مشركاً بمكة .
وختاما أقول : قد بيّنت بالأدلة الواضحة من القرآن والسنّة كيف يصبح الإنسان مسلماً وتحريت الحقّ والوضوح في كل ما قلت ونقلت .
]لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ [ [الأنفال: 42].
فلينظر كل امرئ أين هو من ذلك فمن لم يكن إسلامه كما بينّا فليسرع وليؤمن بالإسلام الحق فما زال للتوبة زمان ، ومن لم يفعل فلا يلومنّ إلا نفسه .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

منقول

اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي