شبهات العاذرين بالجهل
__________________
الشبهة السادسة:
حـديث سجود معاذ
**************
احتجوا بحادثة أخرى منسوبة إلى معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه لما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد له، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :إنه لا ينبغي السجود لغير الله، ولو كنت آمرا أحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها .
قالوا: خرجه بن حزيمة وقال على شرط صحيح.
قلت: هذا تدليس فاحش، وتمويه مكشوف بإذن الله فالحديث خرجه أحمد والترمذي وبن ماجة وبن حزيمة من طرق عديدة، عن معاذ بن جبل نفسه، وسراقة بن مالك، وعائشة، وبن عباس، وطليق بن علي، وأسامة بن زيد، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمر، وأبي هريرة، أجمعين، كلهم رووه بلفظ: ولو كنت آمرا أحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها .
ولم يذكر في رواياتهم قصة السجود، وهذه الطرق منها الصحيح ومنها الضعيف وبعضها على شرط الصحيح، كما قال بن خزيمة أما حادثة سجود معاذ للنبي صلى الله عليه وسلم فهي حادثة ضعيفة الإسناد ومنكرة، وليست على شرط الصحيح كما زعم القوم أو لبس عليهم.
وبيان ذلك أن هذه الزيادة انفرد بها أزهر بن مروان عن القاسم الشيباني عن عبد الله بن أبي أوفى به وذكره: وأزهر هذا هو أزهر بن مروان الرقاشي النوار مولى بني هاشم،
قال بن حبان فيه: مستقيم الحديث وبن حبان يوثق المجاهيل على قاعدته، فلا يعتبر إذا انفرد ولا نعلم أحدا من أئمة الجرح وثقه، فهو ليس بالثقة الذي تطمئن النفس لحديثه، والمهم هنا أن أزهر ليس من رجال الصحيح لا في الأصل ولا في المتابعات، بل لم يخرج له من أصحابه الكتب الستة سوى الترمذي وبن ماجة.
فانكشف عوار القوم وصح أن الذي صححه بن خزيمة على شرط الصحيح إنما هو أصل الحديث كما تقدم، وليس قصة السجود المنكرة.
هذا مع أن العلة الحقيقية لهذه الرواية في القاسم الشيباني، وهو القاسم بن عوف الشيباني البكري الكوفي، وهو ضعيف متفق على ضعفه
قال: شعبة ضعيف الحديث وترك حديثه،
وقال أبو حاتم: هو مضطرب الحديث ومحله عندي الصدق،
قلت: أي لا يألوا عليه كذبا ولكنه ضعيف الحديث،
وقال بن عدى: وهو ممن يكتب حديثه، قلت: ومعلوم أن هذه الصيغة للضعفاء بمعنى لا يحتج به إلا في المتابعات، وقال النسائي: القاسم ضعيف الحديث
قلت: فثبت أن هذه الزيادة ضعيفة بل تكون منكرة كما يقتضي ذلك علم المصطلح، لمخافة ضعيفة للثقات وانفراده عنهم غير أن أبا داود خرج قصة السجود ولكنه ذكرها عن قيس بن سعد بن عبادة، بأنه هو الذي سجد للنبي وليس معاذ، فأتي بإشكال زائد غير إسناد هذه الرواية لا يقل ضعفا عن سابقه، فقد تفرد بها شريك بن عبد الله القاضي وهو متفق على ضعفه كما هو معلوم، فسقط دليلهم من حيث الأصل والابتداء.
أقول: ولو صح الحديث لما صلحت لكم به حجة لأن السجود للأنبياء كان جائزا في شرع من قبلنا أن يسجد الناس لبعضهم على سبيل التحية والتعظيم، وهو ما صرح به معاذ فيما نسب إليه في هذه القصة. وفي كتاب الله شاهد، قال تعالى في قصة يوسف : وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا [يوسف: 100].
ولو كان نقضا للتوحيد ابتدءا لأشرك يعقوب بنص قولهم وحاشاه ذلك لأن ملة الشرك واحدة وتحريمه ثابت في الشرائع كلها، قال تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ
[ الزمر: 65 / 66].
جاء في التفسير:" وقد كان هذا شائع في شرائعهم أي السجود إذا سلموا على الكبير يسجدون له، ولم يزل هذا جائزا من لدن آدم إلى شريعة عيسى فحرم هذا في هذه الملة، وجعل السجود " مختص بجناب الرب سبحانه وتعالى " هذا مضمون قول قتادة وغيره "إ هـ.
كما انه ذكر ان معاذا رضي الله عنه رجع بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن وله قصة في ذلك مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهم اجمعين
فثبت بطلان استدلالهم من الحديث لو صح فكيف ولم يصح ؟؟ ولله الحمـد والمنة.
_________________
يتبع ان شاء الله / منقــــــــــــــــول
0 التعليقات :
إرسال تعليق