صفحتي

صفحتي
مدونة ياقوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره
الجمعة، 16 ديسمبر 2016

(٢٢) مسألة العذر بالجهل في التوحيد


شبهات العاذرين بالجهل
__________________
الشبهة الخامسة :

حـديث يدرس الإسلام
******************

احتجوا بحديث عجيب المتن غريب المخرج واهي الإسناد ظاهر البطلان قالوا فيه أنه من الأدلة الواضحة على صدق دعواهم، وأنا أقول: بل هو من الأدلة الواضحة على ضحالة علمهم، وشذوذ فهمهم للنصوص، وتجرئهم على الدين، أما الحديث فقد خرجه بن الحاكم وبن ماجة عن حذيفة بن اليمان مرفوعا:
يَدْرُسُ الإسلام كما يَدْرُسُ وشي الثوب، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة لا تبقى في الأرض منه آية ويبقى طوائف من الناس، الشيخ الكبير والمرأة العجوز يقولون 'لا إله إلا الله' أدركنا آباءنا على هذه الكلمة، فنحن نقولها وهم لا يدرون ما صلاة ولا صدقة ولا نسك، فقال صلة بن زفرة لحذيفة: ما تغني عنهم لا إله إلا الله لا وهم لا يدرون لا صلاة ولا صيام ولا صدقة ونسك؟. فأعرض عنه حذيفة ثلاثا ثم قال: يا صلة تنجيهم من النار
قالوا وهو صحيح على شرط مسلم، وجهلهم بكثير من أصول الدين التي كانت في القرآن الذي رفع أقوى دليل على العذر بالجهل.

أقول: أنني أجزم بأن هذا الذي نسبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم موضوع مختلق، لا أصل له يصح، وما خرج قط من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم لمخالفته الصريحة لكتاب الله القاطع وما تواتر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أجمعت عليه الأمة سلفها وخلفها ونجمع جوابنا على هذا الاحتجاج في عدة وجوه:

الوجه الأول: أن إسناده ضعيف لا تقوم بمثله حجة، وقد خرجه الحاكم وبن ماجة من طريق أبي معاوية عن أبي مالك الأشجعي عن ربيعي بن خراش عن حذيفة به مرفوعا، ومحمل ضعفه في أبي معاوية وهو محمد بن حازم التميمي السعدي الكوفي الضرير، فأبو معاوية ليس ثقة بإطلاق، وإنما حديثه يصح في الأعمش، أما في غير حديثه مضطرب لا تقوم به الحجة فضلا عن كونه مدلسا، يروي حديثه لو عنعن يقول الإمام أحمد :" أبو معاوية الضرير في غير حديث الأعمش مضطرب لا يحفظها حفظا جيدا، وقال بن خراش :صدوق وهو الأعمش ثقة وفي غيره مضطرب، وقال بن سعد :كان ثقة كثير الحديث يدلس.
قلت: وهو هنا رواه عن أبي مالك الأشجعي، فصح ضعف الإسناد فضلا عن عنعنته وهو مدلس فسقط احتجاجهم بالحديث من حيث الأصل والابتداء بل إني لا أشك في أن هذا الحديث مما اختلط فيه أبو معاوية واضطرب، كما سيأتي إن شاء الله.

الوجه الثاني : نناقشكم في اللفظة التي وردت في الحديث: 'لا إله إلا الله ' أدركنا آبائنا على هذه الكلمة فنحن نقولها وهم ما يدرون ما صلاة....
فأقول: ظاهر هذا الحديث يوحي بأنهم يرددون ما سمعوه من آبائهم دونما ما فهم منهم ولا دراية بمعناها، فنسألكم:
هل قصد النبي صلى الله عليه وسلم - لو صح الحديث - معرفتهم بالتوحيد أم مجرد التلفظ بالكلمة ؟.
فإن قلتم: قصد بها معرفتهم بالتوحيد دون الشرائع،
قلنا لكم: فقد وافقتمونا على مذهبنا وسقط احتجاجكم لأننا نتكلم عن جهل التوحيد لا الشرائع، وإن قلتم قصد بها مجرد التلفظ بالكلمة
قلنا: وإن كانوا كاذبين فيها أو شاكين؟.
فإن قلتم: وإن كانوا كذابين أتيتم بعظيمة في الدين، وتفوقتم في البدعة على أعتى عتاة المرجئة، وخالفتم الشريعة جملة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة
[ رواه مسلم ].
والنصوص المستفيضة تشترط للكلمة الصدق فيها: من قال لا إله إلا الله صدقا من قلبه .
وفي لفظ: مستيقنا بها قلبه .
وذم الله قوما بأنهم: يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ
[ آل عمران: 167 ].
وسماهم منافقين ونعت النبي صلى الله عليه وسلم رجلا تعذبه الملائكة في قبره يقول:" أدركت الناس يقولون كلمة فكنت أقولها ". وسماه النبي منافقا، وبالجملة فهذا ما لا نزاع عليه في الدين، ولا يكابر فيه إلا مارق أفاك أثيم. فلزمكم القول بأن شرط الصدق مطلوب، فإن ذلك كذلك أسلمتم معنا أن النبي صلى الله عليه وسلم - لو صح الحديث- لم يقصد مجرد الكلمة وإنما قصدها بضوابطها الشرعية التي تفهم من نصوص أخرى بالجمع بين أطراف الأدلة، وليس بانتزاع نص وفهمه بمجرد الهوى والتلذذ، فإن فعلنا علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قصد معنى التوحيد - لو صح الحديث لا الكلمة- وهذا ما دل عليه ظاهر الحديث لأنه قال: وما يدرون ما صلاة ولا صيام ولا صدقة ولا نسك فعدد شرائع الإسلام ولو كانوا يجهلون التوحيد وأسسه لذكرها بطريق الأولى بداهة.
ثم نسألكم: هل يقولون:" لا إله إلا الله "؟. وينكرون بعثة محمد صلى الله عليه وسلم أو يقولون أن عيسى بن الله أو أن الله هو علي بن أبي طالب أو هو فلان بعينه؟؟. فإن قلتم بذلك أشهدتم الخلق على فساد عقولكم وتجرئكم على الشريعة، وإن قلتم بغيره ونفيتموه نسألكم: أبدليل من ذات الحديث نفيتم ذلك أم بدليل من غيره؟؟.
فإن قلتم من ذات الحديث كذبتم وطالبناكم به، ولن تستطيعوه وإن قلتم من خارج الحديث، لزمكم أن الحديث لا يفهم بمجرده، وإنما يفهم على ضوء النصوص الأخرى التي تتحدث في القضية.
أريد أن أقول: أن ما فعله هؤلاء القوم، إنما هو سبيل أهل البدع في كل حين، وهو انتزاع نص من الشريعة، ولو صح الحديث، ومحاولة فهمه بعيدا عن النصوص الأخرى في موضوعه والتي توضح مبهمه، وتخصص عامه، وتفيد مطلقه وتفصل مجمله وهذا من بديهيات أصول الفقه. وبالجملة فقد ثبت بطلان الحديث سندا ومتنا وثبت فساد احتجاجهم لو صح والحمد لله على توفيقه.
____________
يتبع ان شاء الله / منقـــــــــــول

اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي