صفحتي

صفحتي
مدونة ياقوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره
الخميس، 16 فبراير 2017

(٢١) قالوا: فقلنا

قالوا :
" لا يجوز تكفير الإنسان المعيّن الواقع في  الكفر إلاّ إذا أفتى بتكفيره العالم أو القاضي أو الحاكم المسلم .. ولا يجوز لغيرهم أن يتكلم في مسائل الكفر والإيمان" .

فنقول :-
" وهذا أيضاً قول يظهر بطلانه من وجوه :-
(الأول)
إنّ الإنسان لا يكون مؤمناً حتى يعلم :-
          ( 1 )  أنّ الله هو الخالق المالك الرازق المحيى المميت المدبر لأمر الكون كلّه .. وأنّه وحده المستحق للعبادة والطاعة ولا إله إلاّ هو ولا حاكم سواه .
          ( 2 ) أنّ لله ملائكة وهم عبادٌ مكرمون مقرّبون يؤدون وظائف مختلفة يطيعون الله فيها .
          ( 3 ) أنّ الله تعالي أنزل كتباً بيّن فيها كلّ الحقائق التي لا يستغني عن معرفتها الإنسان وبيّن فيها أوامره ونواهيه  وآخرها القرآن الكريم .
          ( 4 ) أنّ الله تعالي كان يُرسل دائماً رسلاً مبشرين ومنذرين كلما انحرفت البشرية عن الإسلام والتوحيد ودخلت في الكفر والشرك  وكان محمد صلى الله عليه وسلم آخرهـم. 
           ( 5 ) أنّ يوم البعث والحساب حقّ ، وأنّ الله جعل ذلك اليوم " ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى "
     فهذا القدر من العلم يستوي فيه المؤمنون وإن تفاضلوا في اليقين والإخلاص والعمل وكلّهم علماء فيه . ومن جهل هذا القدر من العلم فهو كافر جاهل . ومن عرفه واعتقده ثم جحده وأنكره فهو كافرٌ مرتدّ ومن لم يعرف الكفر لم يعرف الإيمان، ومن شكّ في كفر الكافر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فهو كافرٌ خارج عن ملّة الإسلام.
قال تعالي )ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضلّ ضلالاً بعيداً (  [النساء : 136]
وبعد هذا القدر من العلم فإنّ الشريعة الإلـهية متشعبة كثيرة الفروع ، والمؤمنون متفاوتون في العلم وبعضهم أكثر أخذاً للعلم ، وليس منهم أحدٌ إلاّ ويجهل بعض الشريعة .. ولكنّهم جميعاً يؤمنون بالشريعة كلّها إجمالاً أي يعلمون أنّ كلّ ما جاء في كتاب الله حقٌّ من عند الله .
وإذاً فإنّ هناك أموراً كثيرة يعلمها بعض الناس أنّها كفرٌ وجحودٌ لأمرٍ من أوامر الله أو خبرٌ من أخبار الله ولا يعلمها الآخرون لقلّة معرفتهم للأوامر والأخبار .
وقد جعل الله للعلماء مـنـزلة رفيعة بين المؤمنين. قال تعالي: ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات( [ المجادلة : 11]
   والحكام والقضاة في الإسلام هم رجالٌ مسلمون يؤدون وظائف شرعية ، ويقيمون حدود الله علي عباده ، ولكنّهم كسائر المسلمين في معرفة الفرق بين المؤمنين والكافرين ، ويجوز أن يكون في المسلمين من هو أعلم منهم بجوانب من أحكام الشريعة .

( الثاني)
أنّ الله حرّم علي الأولاد طاعة الوالدين في الشرك والكفر فقال :-
)وإن جهداك علي أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ( [اللقمان : 15]
فدلّت الآية علي أنّ الولد إذا كان مؤمناً بالله يستطيع أن يعرف كفر أبويه إذا وقعا في الشرك ودعوا إليه .
وقوله تعالي )والذي قال لوالديه أفّ لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إنّ وعد الله حقٌّ فيقول: ما هذا إلاّ أساطير الأولين ( [الأحقاف : 17] 
يدلّ علي أنّ الوالدين المؤمنين يستطيعان أن يعرفا كفر ابنهما إذا كان مظهراً للكفر .وكذلك قوله تعالي )قال له صاحبه وهو يحاوره أ كفرت بالّذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سوّاك رجلاً ( [ الكهف : 37]
يدلّ علي أنّ الرجل المؤمن قادرٌ علي معرفة كفر صاحبه إذا أظهر ذلك وتكلّم به .
وذكر الله تعالي أنّ أصحاب الكهف قالوا :-
)هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلــهة لولا يأتون عليهم بسلطان بيّن فمن أظلم ممن افتري علي الله كذباً ( [الكهف : 15]
فدلت الآية علي أنّ فتية أصحاب الكهف المؤمنين كانوا يعرفون أنّ قومهم مشركون ظالمون يفترون علي الله الكذب لما اتخذوا الأنداد والآلــهة الباطلة المعبودة من دون الله . ومعرفتهم لكفر القوم صادرة عن إيمانهم ويقينهم فهم لما عرفوا الإيمان عرفوا الكفر . وهذه من فضائلهم المذكورة في كتاب الله للتأسي والإقتداء بهم .

(الثالث)
إنّ الله تعالي أكثر في القرآن من ذكر "المنافقين" وأنزل سوراً وآيات كثيرة تبيّن صفاتهم التي تميّزهم عن المؤمنين الصادقين ، وذلك كي لا ينخدع بهم المؤمنون .
ومن المعلوم أنّ هؤلاء المنافقين كانوا يظهرون الإسلام ويدّعون الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر . ويبطنون الكفر وكراهية الحقّ ومعلوم كذلك أنّ الله كشف أسرارهم وأظهر نيّاتهم الخبيثة وبين سمّاتهم البارزة ليحذرهم المؤمنون ولا يثقوا بأكاذيبهم ودعاويهم .
فإذا كان الله لا يريد ولا يرضى لعباده المؤمنين أن ينخدعوا  ويثقوا بأولئك الكفار المنافقين الّذين لا يظهرون كفرهم .. فهل من المعقول أن يرضى لهم الانخداع والثقة للكفار المشركين الّذين يظهرون كفرهم وشركهم ؟؟
وكيف لا ينخدع للمنافقين من انخدع للمشركين ؟؟
وكيف لا يكون ذلك المنخدع مخالفاً للقرآن الكريم الّذي ينهى عن طاعة المشركين والمنافقين ويأمر بجهاد الفريقين .
قال تعالي )ياأيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إنّ الله كان عليماً حكيماً ( [الأحزاب : 1]
قال تعالي )ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنّم وبئس المصير( [التوبة : 73]
وهذه الأوجه الثلاثة التي ذكرناها كافية للعلم بأنّ من آمن بالله يعرف من كفر بالله فألحد أو أشرك إذا أظهر ذلك فيكون عنده كافراً علي التعيين .
ومن آمن بالبعث والحساب يعرف من أنكر وكفر بذلك ، إذا أظهر ذلك فيكون عنده كافراً علي التعيين .
ومن آمن برسل الله وملائكته وكتبه يعرف من لم يؤمن بذلك إذا أظهر ذلك فيكون عنده كافراً علي التعيين .
وهذه هي المسائل الواضحة والمكفّرات التي لا تخفى علي المؤمنين . ولا شكّ   أنّ هناك أموراً كثيرة يعرفها البعض أنّها كفرٌ ولا يعرفها الآخرون . وقد أخطأ الذين جعلوا المكفّرات كلّها علي مستوى واحد .. وجعلوا التكفير حقّاً خاصاً للعلماء والحكام والقضاة وقالوا " نكفّر الأعمال ولا نكفّر الأعيان "
وكأنّهم لم يسمعوا إلى قوله صلى الله عليه وسلم (( إلاّ إن تروا كفراً بواحاً  عندكم من الله برهان ))
الذي يدلّ على أنّ فى استطاعة المؤمن أن يعرف وقوع الأمير فى الكفر البواح وخروجه عن دائرة الإسلام . وإلاّ لم يكن لهذا الشرط فائدة .

منقول

اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي