فالشرك بالله هو كفر بالله ومحبط للأعمال ومخلد لصاحبه فى النار ولا ينفع معه شئ من الإيمان، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾، ﴿وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً﴾، ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [تفسير الطبري] لئن أشركت بالله شيئا يا محمد، ليبطلن عملك، ولا تنال به ثوابا، ولا تدرك جزاء إلا جزاء من أشرك بالله..إنتهى.
فى هذه الآية الكريمة يخاطب الله - سبحانه وتعالى - سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أكثر البشر إخلاصاً فى العبودية وأكثرهم عملاً صالحاً، فكيف بنا نحن!
مشركي قريش كانوا يظنون أنهم على دين سيدنا إبراهيم – عليه السلام – وكانوا يحجون بيت الله الحرام ويُعمرونه، وكانوا يتكفلوا بسقاية الحاج، يقول الله عز وجل: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾، بل وكانوا يعبدون الأصنام إعتقداً منهم أنهم يتقربون بهذه العبادة لله،فكانوا يقولون كما ذكر الله سبحانه وتعالى: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ ويقولون: ﴿هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ﴾.
وكانوا مشركي قريش يظنون أنهم على الحق وأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على الباطل، روى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنهما - قال: ﴿قال أبو جهل قبيل غزوة بدر: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم﴾.
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن ثعلبة بن صعير أن أبا جهل قال حين التقى القوم قبيل غزوة بدر: ﴿اللهم أقطعنا للرحم وأتانا بما لا نعرفه، فأحنه الغداة، فكان المستفتح﴾، فأنزل الله تعالى: ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
يقول تعالى للكفار: إن تستفتحوا، أي تستنصروا وتستقضوا الله، وتستحكموه أن يفصل بينكم وبين أعدائكم المؤمنين، فقد جاءكم ما سألتم.
فهذا أبو جهل يدعوا الله عز وجل ويظن أنه على حق.
ولكن كيف أشركوا مع اعتقادهم أن الله هو الخالق والرازق والمحيى والمميت وهو القادر على كل شئ؟ وكيف أشركوا رغم أنهم ينسبون دينهم لدين إبراهيم عليه السلام؟
المشركون كانوا يصرفون شئ من العبادة لغير الله جهلاً منهم بالله، وتقليداً لآبائهم وكبرائهم، يقول الله - سبحانه وتعالى - عن هؤلاء: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾، ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾، ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ * وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ ۖ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ﴾.
"قال أبو ذر يا ابن أخي صليت سنتين قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم قال قلت فأين كنت توجه قال حيث وجهني الله" اهـ
[صحيح مسلم»كتاب فضائل الصحابة»باب من فضائل أبي ذر رضي الله عنه]
"دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تكلم فقال ما لها لا تكلم قالوا حجت مصمتة قال لها تكلمي فإن هذا لا يحل هذا من عمل الجاهلية فتكلمت.."اهـ
[صحيح البخاري»كتاب مناقب الأنصار» باب أيام الجاهلية]
"كان المشركون يقولون لبيك لا شريك لك قال فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلكم قد قد فيقولون إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك يقولون هذا وهم يطوفون بالبيت."اهـ
[صحيح مسلم» كتاب الحج» باب التلبية وصفتها ووقتها]
" كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض"اهـ
[صحيح مسلم»كتاب الحج» باب جواز العمرة في أشهر الحج]
روى مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت :
"كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فرض شهر رمضان قال من شاء صامه ومن شاء تركه"اهـ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَخَرَجَ الْكِنَانِيُّ حَتَّى أَتَى الْقُلَّيْسَ فَقَعَدَ [6] فِيهَا- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ يَعْنِي أَحْدَثَ فِيهَا- قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ خَرَجَ فَلَحِقَ بِأَرْضِهِ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ أَبْرَهَةُ فَقَالَ: مَنْ صَنَعَ هَذَا؟ فَقِيلَ لَهُ: صَنَعَ هَذَا رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي تَحُجُّ الْعَرَبُ إلَيْهِ بِمَكَّةَ لَمَّا سَمِعَ قَوْلَكَ: «أَصْرِفُ إلَيْهَا حَجَّ الْعَرَبِ» غَضِبَ فَجَاءَ فَقَعَدَ فِيهَا، أَيْ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِذَلِكَ بِأَهْلِ. فَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ أَبْرَهَةُ وَحَلَفَ لَيَسِيرَنَّ إلَى الْبَيْتِ حَتَّى يَهْدِمَهُ، ثُمَّ أَمَرَ الْحَبَشَةَ فَتَهَيَّأَتْ وَتَجَهَّزَتْ، ثُمَّ سَارَ وَخَرَجَ مَعَهُ بِالْفِيلِ، وَسَمِعَتْ بِذَلِكَ الْعَرَبُ، فَأَعْظَمُوهُ وَفَظِعُوا بِهِ، وَرَأَوْا جِهَادَهُ حَقًّا عَلَيْهِمْ، حِينَ سَمِعُوا بِأَنَّهُ يُرِيدُ هَدْمَ الْكَعْبَةِ، بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ."اهـ
[سيرة ابن هشام]
"كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام ، قال: فأوف بنذرك"اهـ
[صحيح البخاري»كتاب الاعتكاف » باب الاعتكاف ليلا]
قال الفرزدق في أبيات وهو يذم رجلا:
وكنت كذات الحيض لم تُبقِ ماءها ولا هي من ماء العذابة طائل"اهـ
[كتاب:أديان العرب في الجاهلية]
أن أبا سفيان نذر أن لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا صلى الله عليه وسلم.
[سيرة ابن هشام]
[كتاب تفسير القرآن» سورة والنجم]
وقال جل وعلا : ((وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ)) [لقمان:25]
وقال عز وجل: ((وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ )) [الزخرف:87]
قال عز وجل:((لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ)) [البينة:1]
وقال جل وعلا: (( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ))[التوبة:6]
حكم الله عز وجل عليهم بأنهم مشركين لأنهم عبدوه وعبدوا معه الأولياء والصالحين والأنبياء والملائكة والجن والشياطين والأحجار والأشجار.
وهم مافعلوا ذلك إلا لأمرين اثنين:
"..فانظر ترى واحمد ربك واسأله العافية.."
0 التعليقات :
إرسال تعليق