جاء في تفسير قول الله تعالى {وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل}
أي: انتظارا وإعدادا لمن حارب الله ورسوله. يقال: أرصدت له: إذا أعددت له.
أبوعامر الراهب
وهو أبو عامر الراهب وكان أبو عامر هذا رجلا منهم، وهو أبو حنظلة غسيل الملائكة، وكان قد ترهب في الجاهلية وتنصر ولبس المسوح،
فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال له أبو عامر: ما هذا الذي جئت به؟
قال: جئت بالحنيفية دين إبراهيم،
قال أبو عامر: فإنا عليها،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنك لست عليها"
قال: بلى ولكنك أدخلت في الحنيفية ما ليس منها،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما فعلت ولكني جئت بها بيضاء نقية"،
فقال أبو عامر: أمات الله الكاذب منا طريدا وحيدا غريبا،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم "آمين". وسماه أبا عامر الفاسق.
فلما كان يوم أحد قال أبو عامر لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أجد قوما يقاتلونك إلا قاتلتك معهم، فلم يزل يقاتله إلى يوم حنين، فلما انهزمت هوازن يئس وخرج هاربا إلى الشام فأرسل إلى المنافقين أن استعدوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح، وابنوا لي مسجدا فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآت بجند من الروم، فأخرج محمدا وأصحابه، فبنوا مسجد الضرار إلى جنب مسجد قباء، فذلك قوله تعالى: {وإرصادا لمن حارب الله ورسوله} وهو أبو عامر الفاسق، ليصلي فيه إذا رجع من الشام.
قوله: {من قبل} يرجع إلى أبي عامر يعني حارب الله ورسوله من قبل أي: من قبل بناء مسجد الضرار.
{وليحلفن إن أردنا} ما أردنا ببنائه، {إلا الحسنى} إلا الفعلة الحسنى وهو الرفق بالمسلمين والتوسعة على أهل الضعف والعجز عن المسير إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
{والله يشهد إنهم لكاذبون} في قيلهم وحلفهم.
روي لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك ونزل بذي أوان موضع قريب من المدينة أتوه فسألوه إتيان مسجدهم فدعا بقميصه ليلبسه ويأتيهم، فنزل عليه القرآن وأخبره الله تعالى خبر مسجد الضرار وما هموا به، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم، ومعن بن عدي، وعامر بن السكن، ووحشيا قاتل حمزة، وقال لهم: انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه واحرقوه، فخرجوا سريعا حتى أتوا بني سالم بن عوف، وهم رهط مالك بن الدخشم، فقال مالك: أنظروني حتى أخرج إليكم بنار من أهلي، فدخل أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا، ثم خرجوا يشتدون، حتى دخلوا المسجد وفيه أهله، فحرقوه وهدموه، وتفرق عنه أهله، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ ذلك كناسة تلقى فيه الجيف والنتن والقمامة.
ومات أبو عامر الراهب بالشام وحيدا فريدا غريبا...تفسير البغوي
***************
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَنْطَلِقُ بِصَحِيفَتِي هَذِهِ إِلَى قَيْصَرَ وَلَهُ الْجَنَّةُ؟» ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَإِنْ لَمْ أُقْتَلْ؟، قَالَ: «وَإِنْ لَمْ تُقْتَلْ» ، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ بِهِ فَوَافَقَ قَيْصَرَ وَهُوَ يَأْتِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَدْ جُعِلَ لَهُ بِسَاطٌ لَا يَمْشِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ، فَرَمَى بِالْكِتَابِ عَلَى الْبِسَاطِ وَتَنَحَّى، فَلَمَّا انْتَهَى قَيْصَرُ إِلَى الْكِتَابِ أَخَذَهُ، ثُمَّ دَعَا رَأْسَ الْجَاثَلِيقِ، فَأَقْرَأَهُ، فَقَالَ: مَا عِلْمِي فِي هَذَا الْكِتَابِ إِلَّا كَعِلْمِكَ، فَنَادَى قَيْصَرُ: مَنْ صَاحِبُ الْكِتَابِ؟، فَهُوَ آمَنٌ فَجَاءَ الرَّجُلُ، فَقَالَ: إِذَا أَنَا قَدِمْتُ فَأْتِنِي، فَلَمَّا قَدِمَ أَتَاهُ، فَأَمَرَ قَيْصَرُ بِأَبْوَابٍ قَصْرِهِ فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيًا يُنَادِي أَلَا إِنَّ قَيْصَرَ قَدِ اتَّبَعَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرَكَ النَّصْرَانِيَّةَ، فَأَقْبَلَ جُنْدُهُ وَقَدْ تَسَلَّحُوا حَتَّى أَطَافُوا بِقَصْرِهِ، فَقَالَ لِرَسُولِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ تَرَى أَنِّي خَائِفٌ عَلَى مَمْلَكَتِي، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: أَلَا إِنَّ قَيْصَرَ قَدْ رَضِيَ عَنْكُمْ، وَإِنَّمَا خَبَرَكُمْ لَيَنْظُرُ كَيْفَ صَبْرُكُمْ عَلَى دِينِكُمْ فَارْجِعُوا، فَانْصَرَفُوا، وَكَتَبَ قَيْصَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي مُسْلِمٌ وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِدَنَانِيرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَرَأَ الْكِتَابَ: «كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَهُوَ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ» ، وَقَسَّمَ الدَّنَانِيرَ.
****************
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قال ابن وهب، عن مالك، في عبد أو أمة لا
تعرف الإسلام، فقيل لها: قولي: لا إله إلا الله. ففهمتها وقالتها بإشارة أو بغير إشارة: فإنه يصلى عليها وإن لم تصل.
ومن (الْعُتْبِيَّة): قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذا شهد الأعجمي: لا إله إلا الله. عن تعليم، ثم مات، صلي عليه وإن لم يصل.
كتاب النوادر والزيادات (1/605)
**************
748 - أنا أبو القاسم الحسين بن أحمد بن عثمان بن شيطا البزاز ، نا علي بن محمد بن المعلى الشونيزي ، وأنا أبو بكرٍ محمد بن عمر بن بكيرٍ النجار ، أنا موسى بن علي بن موسى البزاز الأحول ، قالا : نا جعفر بن محمدٍ الفريابي ، حدثني عباس العنبري ، قال : سمعت أحمد بن يونس ، يقول : رأيت زهير بن معاوية جاء إلى زائدة بن قدامة فكلمه في رجلٍ يحدثه ، فقال : من أهل السنة هو؟ قال : ما أعرفه ببدعةٍ ، قال : هيهات ، أمن أهل السنة هو؟ فقال : زهير : متى كان الناس هكذا؟ فقال زائدة : متى كان الناس يشتمون أبا بكرٍ وعمر... الجامع لاداب الراوي واخلاق السامع
***************
27904- عن عمر قال: لما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارتد من ارتد من العرب وقالوا نصلى ولا نزكى فأتيت أبا بكر فقلت يا خليفة رسول الله تألف الناس وارفق بهم فإنهم بمنزلة الوحش فقال رجوت نصرك وجئتنى بخذلانك جبار فى الجاهلية خوار فى الإسلام ماذا عسيت أن أتألفهم بشعر مفتعل أو بسحر مفترى هيهات هيهات مضى النبى - صلى الله عليه وسلم - وانقطع الوحى والله لأجاهدنهم ما استمسك السيف فى يدى وإن منعونى عقالا قال عمر فوجدته فى ذلك أمضى منى وأصرم وأدب الناس على أمور هانت على كثير من مؤنتهم حين وليتهم (الإسماعيلى) [كنز العمال 16838]
قال الامام البخاري :
بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ }، { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ }. وَأَنَّ الْمُشَاوَرَةَ قَبْلَ الْعَزْمِ وَالتَّبَيُّنِ ؛ لِقَوْلِهِ : { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ }. فَإِذَا عَزَمَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِبَشَرٍ التَّقَدُّمُ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَشَاوَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فِي الْمُقَامِ وَالْخُرُوجِ، فَرَأَوْا لَهُ الْخُرُوجَ، فَلَمَّا لَبِسَ لَأْمَتَهُ وَعَزَمَ قَالُوا : أَقِمْ. فَلَمْ يَمِلْ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الْعَزْمِ، وَقَالَ : " لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ يَلْبَسُ لَأْمَتَهُ فَيَضَعُهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ ". وَشَاوَرَ عَلِيًّا وَأُسَامَةَ فِيمَا رَمَى أَهْلُ الْإِفْكِ عَائِشَةَ، فَسَمِعَ مِنْهُمَا حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ، فَجَلَدَ الرَّامِينَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى تَنَازُعِهِمْ، وَلَكِنْ حَكَمَ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، وَكَانَتِ الْأَئِمَّةُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَشِيرُونَ الْأُمَنَاءَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْأُمُورِ الْمُبَاحَةِ ؛ لِيَأْخُذُوا بِأَسْهَلِهَا، فَإِذَا وَضَحَ الْكِتَابُ أَوِ السُّنَّةُ لَمْ يَتَعَدَّوْهُ إِلَى غَيْرِهِ ؛ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَأَى أَبُو بَكْرٍ قِتَالَ مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ، فَقَالَ عُمَرُ : كَيْفَ تُقَاتِلُ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَإِذَا قَالُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إِلَّا بِحَقِّهَا " ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ تَابَعَهُ بَعْدُ عُمَرُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ أَبُو بَكْرٍ إِلَى مَشُورَةٍ ؛ إِذْ كَانَ عِنْدَهُ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِينَ فَرَّقُوا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، وَأَرَادُوا تَبْدِيلَ الدِّينِ وَأَحْكَامِهِ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ". وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَشُورَةِ عُمَرَ، كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
قال الامام أبو عبيد القاسم بن سلام((والمصدق لهذا جهاد أبي بكر الصديق رضي الله عنه بالمهاجرين والأنصار على منع العرب الزكاة، كجهاد رسول الله صلى الله عليه أهل الشرك سواء، لا فرق بينهما في سفك الدماء وسبي الذرية واغتنام المال، فإنما كانوا مانعين لها غير جاحدين بها)) كتاب الإيمان له ص 12
0 التعليقات :
إرسال تعليق